بنو إسرائيل يعبدون العجل

قال لهم موسى: انتظروا هنا وأنا سأذهب وآتيكم، صام ثلاثين يوماً ثم أتمها الله بعشر -كما سوف ترد في الآيات- وذهب لموعد الله ويعطيه التوراة، فعبدوا العجل حسبنا الله ونعم الوكيل! من نجاكم؟ من نصركم؟ من قواكم؟ من أطعمكم وسقاكم؟ وهل هذه النتيجة؟!

أخذوا ذهباً فصنعوه بالنار كمثل البقرة ثم ألقوا فيه حفنة من تراب فخار الحسير، فقال السامري وهو أحد الضلال الأخساء الحقراء: {هَذَا إِلَهُكُمْ وَإِلَهُ مُوسَى فَنَسِيَ} [طه:88] يقول: هذا إلهكم وإله موسى، لكن موسى نسي هذا الإله وذهب إلى إله آخر!

لا إله إلا الله! بنو إسرائيل هؤلاء عقولهم متحجرة، أذناب للعملاء، غباء وحقد وتمرد على الله، ولذلك لعنهم الله في كل كتاب، فلا يمكن أن يصلحوا أبداً، أتريد ولد الحية أن يكون لبيباً؟! أتريد ولد الذئب أن يكون حبيباً؟! لا.

تلك العصا من هذه العصية لا تلد الحية إلا حية

فاسمع إلى الآيات قال سُبحَانَهُ وَتَعَالَى: {وَإِذْ نَجَّيْنَاكُمْ مِنْ آلِ فِرْعَوْنَ يَسُومُونَكُمْ سُوءَ الْعَذَابِ} [البقرة:49] ما معنى نجيناكم؟ نجيناكم مأخوذة من النجاة، وهي الأرض البارزة التي ينجو بها الإنسان، ولذلك يقول سُبحَانَهُ وَتَعَالَى إذا ذكر الأنبياء: {وَنَجَّيْنَاهُمْ مِنْ عَذَابٍ غَلِيظٍ} [هود:58] وذكرت العرب النجاة، وهي معنوية وحسية، فالنجاة الحسية أن تنجو من العذاب والسجن والحبس والمرض، والنجاة المعنوية: أن تنجو من الفسق والمعصية أو من الاعتقادات الباطلة.

يقول حسان شاعر الإسلام -رضي الله عنه- في النجاة وهو يهجو الحارث بن هشام وهو من سادات قريش، أخ لـ أبي جهل ولكنه أسلم فيما بعد، كان كريماً يقولون: كان يكسو الكعبة سنة وقريش تجتمع فتكسوها سنة، أتى في معركة بدر فلما رأى سيوف الله تفتك بالكفار فر ببغلته، فما استقر ولا قر ولكن فر وجر، فلما وصل إلى مكة قام حسان يهجوه في قصيدة له يقول فيها:

طوبى لمعترك من الآرام قبل الأصيل كعاكف أو رامي

هو يتغزل في أول القصيدة كعادة الشعراء فيقول:

إن كنت كاذبة الذي حدثتني فنجوت منجى الحارث بن هشام

ترك الأحبة أن يقاتل دونهم ونجا بفضل طمرة ولجام

يقول: ترك أحبابه وإخوانه وفر ببغلته.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015