كان ابن سيرين إمام التابعين عالماً ذكياً فطناً محدثاً، كان إذا نزل في السوق يترك الناس أغراضهم، ويقولون: لا إله إلا الله الله أكبر! سبحان الله! من رؤية وجهه، كان وجهه يذكرك بالله.
كان جالساً مع تلاميذه، فأتى رجل، فقال: يا إمام! رأيت في المنام أني أذنت، قال: تحج ويتقبل الله منك، ثم جلس، فجاء رجل فقال: رأيت أني أؤذن في المنام، قال: تسرق أنت وتقطع يدك! ذكرها الذهبي في السير.
هذا يؤذن فيتقبل الله منه ويحج، وهذا يؤذن، فيقول: تسرق وتقطع يدك، قالوا له: كيف هذا؟ قال: هذا رجل صالح رأيت عليه الصلاح، والله يقول: {وَأَذِّنْ فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ يَأْتُوكَ رِجَالاً} [الحج:27] وهذا رجل عليه آثار المعصية والفساد، والله يقول: {ثُمَّ أَذَّنَ مُؤَذِّنٌ أَيَّتُهَا الْعِيرُ إِنَّكُمْ لَسَارِقُونَ} [يوسف:70] وبعد سنة حج هذا وتقبل الله منه، وهذا سرق وقطعت يده وعلقت بباب الإمارة في الكوفة، وهذا ثابت عنه ويعبر.
كثير من الناس في هذا العصر عنده تأييد إلهي في تعبير الرؤيا وأمر عجيب وشأن غريب وفتوحات إلهية، وذلك لصلاحهم وتقواهم وهو تأييد من الله عز وجل لهم.
كان أبو دلامة صاحب نكتة وشاعراً للخلفاء، كان ينزل على أبي جعفر المنصور بل على المهدي وهارون الرشيد يدخل عليهم ينكت فقط، فدخل على المهدي يريد مالاً، قال: يا أمير المؤمنين! رأيت البارحة أنني قبلتك على رأسك، وأنك أعطيتني ألف دينار، قال الخليفة: {أَضْغَاثُ أَحْلامٍ وَمَا نَحْنُ بِتَأْوِيلِ الأَحْلامِ بِعَالِمِينَ} [يوسف:44] قال: لا يا أمير المؤمنين! والله لا أخرج حتى تعبر لي رؤياي بالفعل، قال: قبِّل رأسي ويكفيك هذا -يعني: بدون ألف دينار- قال: لا، هما حاجتان أسألك بالله لا تفصل بينهما؛ لأني رأيتهما في المنام.
قال: أعطيك ألف دينار ولا تقبل رأسي، قال: الحمد لله يكفي هذا، ففصلها، فأعطاه ألف دينار وخرج.
دخل أبو دلامة هذا على المهدي قال المهدي: أعندك طلب يا أبا دلامة؟
قال: عندي طلب سهل يسير -يعني: يشحذ- يطلب من الخليفة، قال: دائماً أنت تطلب، أفقرت بيت المال: قال: أسألك بالله لا ترد طلبي! قال: ما هو طلبك؟ قال: أريد كلب صيد، قال: خذ كلب صيد.
قال: وأريد معه جارية إذا صدت الصيد تطبخ لي الصيد.
قال: وجارية.
قال: وفرس أحمل عليه الصيد، قال: وفرس.
قال: وخادم إذا صدت الصيد يحمله على الفرس.
قال: وخادم.
قال: وبيت نطبخ فيه.