إرسال الجيوش ومراسلة الملوك

ومن انتصاراته صلى الله عليه وسلم: أنه أصبح يرسل الجيوش من الجزيرة لتغزو أطرافها، وأصبح يراسل الملوك من المدينة.

قال أنس في الصحيح: {كتب صلى الله عليه وسلم إلى الملوك كتباً، فقالوا: يا رسول الله إن هؤلاء الملوك لا يقرءون كتاباً إلا مختوماً، فاتخذ صلى الله عليه وسلم خاتماً مكتوباً عليه: محمد رسول الله، محمد سطر، ورسول سطر، والله سطر}.

واسمع إلى إحدى الرسائل، وتصور هذه اللحظة وهو في مكة صلى الله عليه وسلم، ويوضع السلى والدم والفرث على رأسه فيكتب: {بسم الله الرحمن الرحيم، من محمد رسول الله إلى هرقل عظيم الروم، أمَّا بَعْد فالسلام على من اتبع الهدى، أسلم تسلم يؤتك الله أجرك مرتين، وإن توليت فإن عليك إثم الأريسيين: {يَا أَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْا إِلَى كَلِمَةٍ سَوَاءٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ أَلَّا نَعْبُدَ إِلَّا اللَّهَ وَلا نُشْرِكَ بِهِ شَيْئاً وَلا يَتَّخِذَ بَعْضُنَا بَعْضاً أَرْبَاباً مِنْ دُونِ اللَّهِ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَقُولُوا اشْهَدُوا بِأَنَّا مُسْلِمُونَ} [آل عمران:64]}.

أبو عمار في جنيف قرأ الآية وأمامه اليهود والنصارى، فأحرجته آخر الآية فقال: {يَا أَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْا إِلَى كَلِمَةٍ سَوَاءٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ} [آل عمران:64] ثم وقف حمار الشيخ في العقبة، وآخر الآية تقطف رأسه ورأس شامير وأمثالهم: (أَلَّا نَعْبُدَ إِلَّا اللَّهَ) لأنها تخزيه أمام الناس:

والحق يخزي ظلام الكفر في بجحٍ كاللص يخشى سطوع الكوكب الساري

والمقصود أن إحدى تفوقاته صلى الله عليه وسلم أنه يراسل الملوك، وبعضهم يرحب بالرسالة ويرفعها، وبعضهم يمزقها، فيدعو عليه: {مزق الله ملكه} فيمزق ويغتال بعد ليال.

ويصبح الأبطال عنده صلى الله عليه وسلم يعقد لهم الرايات من على المنبر، خالد براية، وعكرمة براية، وعمرو بن العاص براية، والمغيرة براية، وأمثالهم كثير.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015