ويدخل صلى الله عليه وسلم منتصراً فاتحاً، ويصف كفار قريش يوم الفتح، فيقول الله له قبل سنة: {إِنَّا فَتَحْنَا لَكَ فَتْحاً مُبِيناً * لِيَغْفِرَ لَكَ اللَّهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَمَا تَأَخَّرَ وَيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكَ وَيَهْدِيَكَ صِرَاطاً مُسْتَقِيماً} [الفتح:1 - 2] فيقف موقفاً مبكياً وهو ينظر إلى كفار قريش الذين نادُّوه، والذين ذبحوا أصحابه، وأساءوا سمعته، وأخرجوه، ونكلوا بجيشه.
تصوروا لو أن أحد الأقزام من العصريين الطغاة الذين لا يساوون الغبار الذي على قدميه صلى الله عليه وسلم ماذا يمكن أن يحدث؟
فهذا الخميني يقولون في مذكراته التي كتبت بعده: قتل سبعمائة ألف من الشعب الإيراني انتقاماً؛ لأنه لطم مرة في قم.
وبعض الطغاة العصريين أدخل الألوف المؤلفة من شعبه في السجون، ثم حرقهم بالغاز عن بكرة أبيهم؛ انتقاماً منهم؛ لأنهم خرجوا مظاهرة مسالمة، معهم الحمص والفصفص ينشرونه على الناس.
والانتقام سهل، وباستطاعته صلى الله عليه وسلم -والله- أن يقتطف رءوسهم في لحظات، لماذا؟
تدرون يوم وقف على الكعبة، أخذ حلقة باب الكعبة صلى الله عليه وسلم بيده، وقال: {الحمد لله الذي نصر عبده، وأعز جنده، وهزم الأحزاب وحده} ثم افتتح خطبتيه وتذكر في ذكرياته مع قريش، واستفاض في الأيام الأولى التي يعرفها الناس، ونكسوا رءوسهم خجلين، فقال: {ما ترون أني فاعلٌ بكم} يقول: تصوروا ماذا ترون، عنده اثنا عشر ألف مسلح بالأبواب من المهاجرين والأنصار، يمكن أن يشير إلى الزبير أن يقتطف رأس فلان فيقتطفه قبل أن يتم الإشارة، وإلى عمر وعلي وخباب وبلال ومصعب {قالوا: أخٌ كريم، وابن أخٍ كريم} ما شاء الله! أتت في آخر ساعة، في الوقت الضائع، أتت (أخٌ كريم وابن أخٍ كريم) قال: {اذهبوا فأنتم الطلقاء} عفا الله عنكم.
أليس هذا هو الانتصار الذي ما سمع التاريخ بمثله؟!