أيها الإخوة! تعالوا اليوم لنختم القرآن في شهر كلنا، أو فإن لم نستطع ففي كل يوم حزب، ولا بأس أن تختمه في شهرين، ومن يفعل ذلك ففيه تقصير، لكن ما لا يدرك جله لا يترك كله، والإنسان بظروفه، حتى إن بعض العلماء قالوا: لا يفوته أن يقرأ في المصحف يوماً ولو شيئاً يسيراً، والقرآن لم يأت بفريضة في جزء ولا حزب لكن أقرب ما أقول: حزب، أما طلبة العلم والأئمة والعلماء فلهم أحزاب أخرى، لكن جمهور الناس لا يفوتهم في اليوم حزب، وكان الصحابة عموماً يختمون القرآن في سبعة أيام، ذكر هذا ابن تيمية وغيره، يقول ابن تيمية: كان الصحابة يختمون القرآن في سبعة أيام، كلهم أو جلهم وهو الأشبه.
وكان الإمام أحمد يختمه في سبعة أيام، وابن تيمية يختمه في سبعة، وكثير من الأئمة، وكانوا يحزِّبونه كما يلي: ثلاث، وخمس، وسبع، وإحدى عشرة، وثلاث عشرة، والمفصل، أي: ثلاث سور في يوم، البقرة وآل عمران والنساء ثلاث، وتأتي خمس بعده، ثم سبع سور في اليوم الثالث، ثم تسع في اليوم الرابع، ثم إحدى عشرة في اليوم الخامس، ثم ثلاث عشرة سورة في اليوم السادس، ثم من ق إلى الناس في اليوم السابع.
فجل الصحابة كانوا يفعلون هكذا، أبي وزيد وعلي رضي الله عنهم وأرضاهم، وذكره أيضاً صاحب الإحياء الغزالي.
وذكر ابن تيمية توزيعاً آخر لمن يختمه في شهر، قال: إما جزء وإلا فليجعل البقرة جزءين، وآل عمران جزءين، ثم أتى يقسم السور مرة سورتين ومرة ثلاثاً حتى قسمها على ثلاثين يوماً.
والآن -الحمد لله- القرآن مجزأ عندنا ثلاثين جزءاً لمن أراد أن يقرأه في شهر، ومحزب لمن قَصُر به الحال، فأراد أن يأخذ حزباً في اليوم.
وقال عليه الصلاة والسلام فيما صح عنه: {لا يفقه من قرأ القرآن في أقل من ثلاث} وهل هو منهي أن يقرأ القرآن في أقل من ثلاث؟ أما الفقه فلن يفقه، أي لا يستفيد في التدبر، لكن الأجر أرى أنه يؤجر إن شاء الله، وقد ذكر الأئمة أن بعضهم كان يقرأ القرآن في يوم واحد.
فـ الشافعي ذكر عنه المترجمون كـ الذهبي وغيره أنه قرأ القرآن في رمضان ثلاثين مرة، وقرأه البخاري كذلك، وهذا ليس ببعيد، بل أعرف من العصريين من قرأ القرآن في يوم واحد، وهذا يحدره حدراً ويتمتم به تمتمة وهو لا يتدبر ولكنه يريد الأجر؛ لأن من قرأ القرآن فله بكل حرف حسنة والحسنة بعشرة أمثالها: {لا أقول: الم حرف، ولكن ألف حرف، ولام حرف، وميم حرف}.