أيها المسلمون! إن القرآن ما نزل إلا لهدف الهداية، والسر في القرآن كما يقول أبو الأعلى المودودي شكر الله له ورحمه الله في كتابه العجيب أسس في قراءة القرآن الكريم يقول: القرآن ما نزل كتاب هندسة؛ لأن بعض المفسرين مثل صاحب الجواهر يأتي بأمور القرآن بعيد عنها وما قصدها، فهو يقول في قوله سُبحَانَهُ وَتَعَالَى: {اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ} [الفاتحة:6] يقول: هذا دليل على أن الخط المستقيم أقرب موصل بين نقطتين، وهل نزل القرآن لهذا؟! وقال في قوله تعالى: {انطَلِقُوا إِلَى ظِلٍّ ذِي ثَلاثِ شُعَبٍ} [المرسلات:30] قال: فيه دليل على أن إحدى زوايا المثلث منفرجة، لا إله إلا الله! {ذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ} [الحديد:21] ولذلك رسم حيات في التفسير، ورسم عقارب عند ذكر الحشرات ورسم بحاراً ورسم غزلاناً، والقرآن لم يأتِ بهذا.
وثانياً: القرآن لم يأتِ تاريخاً، يخبرنا متى ولد فرعون، ومتى مات، وكم عنده من أطفال، وماذا كان يفطر ويتغدى، بل أتى يبين ضلال فرعون وكفره وطغيانه، وأتى يبين الضلال والهداية للناس، فهذا سر إذا عرفه الإنسان مضى في القرآن.
الأمر الثاني: أن القرآن ليس كتأليف الناس، فالقرآن يختلف عن التآليف البشرية، فالتآليف فهارس، والباب الأول فيه أربعة فصول والفصل فيه ثلاث عشرة فقرة، لكن القرآن أمره عجيب، فهو يحدثك عن التوحيد، ثم ينطلق بك إلى الطلاق؛ فإذا انتهى عاد بك إلى اليوم الآخر، فإذا انتهى أتى بك إلى الجهاد، أنزله الذي يعلم السر في السموات والأرض إنه كان غفوراً رحيماً، والمقصود التدبر.