وهذا معلوم من الحديث: {تؤخذ من أغنيائهم وتعطى لفقرائهم} ومن ملك النصاب فلا يعطى، فقالوا: غني؛ لذلك بعض الناس لِمَ جعل الله في قلوبهم من الجشع والطمع يبذلون أعراضهم ودينهم وماء وجوههم في أخذ شيء من الزكاة والصدقة، فلو كان أحدهم يملك الملايين المملينة ثم سمع أن تاجراً يوزع الصدقات في رمضان، لبس أردى ثيابه، وتحنط بالغبار، وجلس تحت الشمس والريح والبرد، ثم أخذ يمد يده في موقف شنيع مخزٍ، ما يفعله أحد عنده رجولة أو مروءة، فكيف بالذي عنده دين.
فعلى الإنسان ألا ينظر إلى هذا المال، أو يجعله كما يقول ابن تيمية في كتاب التصوف " كالكنيف -يعني: الحمام- إذا احتاج إليه ذهب إليه، وإن لم يحتج فلا يفعل"، ولذلك قال عليه الصلاة والسلام لـ عمر {: ما أتاك من هذا المال وأنت غير مستشرف ولا سائل وما لا فلا تتبعه نفسك} فإن من أخذ المال باستشراف وبسؤال لا يبارك الله فيه، ويكون كالشاة التي تأكل من خبط الربيع أو من خضراء الربيع ينتفخ بطنها ولكنها ما شبعت، هذا مثل من يأخذ من أموال الناس ويسأل ولا يرد شيئاً ويتطلع إلى الأموال، ولا يرد فاقته بالقناعة وتقوى الله فهذا مثله.
فعلى المسلم أن ينتبه لهذا، فإن من أخذ المال بقناعة أو عدم استشراف بارك الله له سُبحَانَهُ وَتَعَالَى، والبركة ليست بكثرة المال ولكن بما ينزله الله عز وجل من حلال فيه وطيب.