أولياء الله لا يتعدون في الدعاء، التعدي شيء يخالف الشرع مثل أن يدعو العبد أن يكون نبياً من الأنبياء، كيف تكون نبياً وقد ختمت الرسالة؟! الله عز وجل يقول: {وَمَا مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ} [آل عمران:144] ويقول في آية أخرى: {وَلَكِنْ رَسُولَ اللَّهِ وَخَاتَمَ النَّبِيِّينَ} [الأحزاب:40] وكأن تدعو أن تكون أفضل من أبي بكر الصديق وقد صح بالنصوص أنه أفضل الأمة.
سمع سعد بن أبي وقاص -المجاهد العظيم الشجاع فاتح العراق - ابنه يقول: اللهم إني أسألك القصر الأبيض على يمين الجنة -اشتراط: قصر أبيض وعلى يمين الجنة في الشارع الثاني، قصر على شارعين! - قال: يا بني، إني سمعت الرسول صلى الله عليه وسلم يقول: {ليكونن أقوام من أمتي يعتدون في الطهور والدعاء} فلا تكن منهم، ولكن ادع الله الجنة واستعذ به من النار.
يقول ابن الجوزي: أتى أعرابي ووقف بـ عرفة ثم نزل وبات بـ مزدلفة وفي اليوم الأول رمى الجمرات، وسبق الناس إلى الحرم ودخل الحرم مسرعاً، ثم تعلق بأستار الكعبة وقال: اللهم اغفر لي قبل أن يكثر عليك الناس.
لا إله إلا الله! يقول: نفِّذ طلبي يا رب الآن قبل أن يأتي الناس ألوف مؤلفة.
وهو الذي لا تختلف عليه اللهجات، ولا يضيق بتعدد الحاجات، ولا تختلط عليه النغمات ولا السمات ولا الأعراف ولا القبائل ولا الجهات، لو اجتمع أهل الأرض من خلق الله من ذرية آدم إلى قيام الساعة في صعيد واحد قال: {فأعطيت كل واحد مسألته ما نقص ذلك مما عندي إلا كما ينقص المخيط إذا أدخل البحر} رواه مسلم.
هذا من دعاء الأعراب، وهو من الجهل بما عند الله، وهو من التعدي، بل بعضهم كان يدعو بالدعاء الجاهلي الذي ذكره أهل العلم ولا يليق بذلك قال بعض الأعراب: اللهم اغفر لي وإن كنت غفرت لي فأرني علامة.
يقول: أرني علامة لأرى هل غفرت لي أم لا.
وكان بعضهم إذا دخل في الإسلام كما ذكر ذلك ابن عباس يقول: اللهم ارزقنا دراً -أي: لبناً- وزرعاً وضرعاً.
فكان إذا لم يرزق ارتد عن الإسلام، يعبد الله على حرف: {فَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا وَمَا لَهُ فِي الْآخِرَةِ مِنْ خَلاقٍ} [البقرة:200] دعاء في الدنيا فقط، فيأتيه دعاء الدنيا ومعيشة الدنيا لكن لا حظ له عند الله، فالمسلم لا يتعدى في الدعاء.
ومن التعدي في الدعاء أن تقول: اللهم إني أسألك أن ترفعني على فلان وفلان في الجنة، وأسألك أن تدخلني الجنة وترزقني ثلاثة قصور: قصر أبيض وقصر أزرق وقصر بنفسجي.
هذا من التعدي والاشتراط الذي ما أنزل الله به من سلطان.