أما دعاء الله بالأسماء فلله أسماء سمى بها نفسه، ولم يسمه أحد من الناس، بل اختار لنفسه أسماء كالحكيم والكريم والعليم والحليم والحي القيوم وذو الجلال والإكرام وأمثالها {وَلِلَّهِ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا وَذَرُوا الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي أَسْمَائِهِ} [الأعراف:180] الصوفية لهم دعاء عجيب! يقول ابن عربي الصوفي الغالي: من أفضل الأسماء: هو هو.
الضمير المنفصل، وقد ضحك عليه ابن تيمية بقوله: هذا ليس دعاءً بل هذا نبيح كلاب، فهم قالوا: بدلاً من هو الله، يكفي أن تقول: هو، وبعضهم قال: الله الله الله الله، وبعضهم يردد فقط الاسم بلا دعاء، وأنت تجدهم في المدينة ومكة ممن يقدم من البلاد الأخرى جالساً الليل كله من صلاة العشاء إلى صلاة الفجر، وهو يقول: يا لطيف يا لطيف، يا لطيف يا لطيف.
ماذا فعل اللطيف؟ وماذا تريد من اللطيف؟
فلو أتاك رجل عند الباب واسمك محمد، فقال: يا محمد، يا محمد، يا محمد، يا محمد.
فتقول: نعم.
فيقول: يا محمد، يا محمد.
فتقول: نعم.
فيقول: يا محمد.
ما هذا! ماذا تريد من محمد؟ إن الاسم لابد أن ينادى بمشتق أو بفعل أو بطلب، يا حي يا قيوم، يا ذا الجلال والإكرام، يا مقلب القلوب والأبصار ثبت قلبي على دينك، يا أكرم الأكرمين أكرمنا بطاعتك، ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة.
ووردت أسماء ما أنزل الله بها من سلطان، كقول بعضهم كما يذكر الغزالي صاحب كتاب الإحياء: يا دهر الدهارير.
سبحان الله! وهل من أسماء الله دهر الدهارير؟! هذه طلاسم ما أنزل الله بها من سلطان، أسماؤه سُبحَانَهُ وَتَعَالَى توقيفية وهي التي سمى بها نفسه وسماه بها رسوله عليه الصلاة والسلام.
جاء عند أحمد في المسند بسند صحيح أن الرسول عليه الصلاة والسلام كان يقول: {اللهم إني أسألك بكل اسم هو لك سميت به نفسك، أو استأثرت به في علم الغيب عندك، أو أنزلته في كتابك، أو علمته أحداً من خلقك أن تجعل القرآن العظيم ربيع قلبي، وجلاء همي وغمي، وذهاب حزني} ما أجمل هذا الدعاء! وما أحسن هذا الكلام! وعند البخاري عنه عليه الصلاة والسلام أنه قال: {إن لله تسعة وتسعين اسماً من أحصاها دخل الجنة} قال أهل العلم: معنى (من أحصاها) على أحد معان ثلاث: من أحصاها قيل: حفظها، ومن أحصاها قيل: عمل بمقتضاها، ومن أحصاها قيل: عرف معانيها.
والكل صحيح.
والدعاء بالأسماء الحسنى يكون بأن تثني على الله قبل أن تدعوه كما كان يقول عليه الصلاة والسلام في الليل: {اللهم رب جبريل وميكائيل وإسرافيل، فاطر السماوات والأرض، عالم الغيب والشهادة، أنت تحكم بين عبادك فيما كانوا فيه يختلفون! اهدني لما اختلف فيه من الحق بإذنك، إنك تهدي من تشاء إلى صراط مستقيم}.