المسألة الثامنة: ارتفاع الإيمان بالغيب في قلوب الصالحين.
فقد زاد الإيمان بالغيب في قلوب الصالحين بعد أن كشف الله هذه الأزمة, فوثقوا بربهم الذي أزال المكروه عنهم سُبحَانَهُ وَتَعَالى، وأصبحت التقارير وكثير من التخرصات والتكهنات والتحليلات السياسية والصحفية والإعلامية؛ هباءً, لقد سمعنا وسمعتم أنتم في بعض التحاليل أنه سوف يدمر جزء كبير من المنطقة، وآبار البترول سوف تحترق وسوف تهدم, ويقتل كثير من الناس ويباد كثير من الجيش, وأن الكيماوي سوف يهلك المنطقة بأسرها وما حصل شيء من ذلك.
من أطفأ وأسكت هذا السلاح؟! ومن أباد هذه القوة؟! بل خذلوا خذلاناً ما سمع التاريخ بمثله, من الجنود يسلمون الأسلحة ويستسلمون ثم يقودهم جندي واحد، بل سمعت أن جندياً كان يسوق ثلاثة آلاف، وهذا ما سمعنا به في الحروب، فمن الذي ينصر ويخذل: {إِنْ يَنْصُرْكُمُ اللَّهُ فَلا غَالِبَ لَكُمْ وَإِنْ يَخْذُلْكُمْ فَمَنْ ذَا الَّذِي يَنْصُرُكُمْ مِنْ بَعْدِهِ} [آل عمران:160] وأنا أعلل ذلك بالذنوب التي قام بها ذاك الشعب, فإن من يعرف تاريخه ويعرف تاريخ انحراف كثير منه, يعرف أن الذنوب هي التي خذلته هذا الخذلان العظيم وإلا فلا يتعثر من جبن فهو من أشجع الشعوب؛ ولكن المعصية -والعياذ بالله- تخذل الجيوش.
وكان عمر رضي الله عنه يكتب لـ سعد ويقول: [[إياكم والمعاصي! فإني لا أخشى عليكم من عدوكم لكن أخشى عليكم من المعاصي]] فإن أعظم ما يخذل الجيوش معصية الواحد الأحد، فهي التي تعمي بصره وتظهر خوره وتبيد خضراءه، وهي خطيرة إذا حلت بأي أمة أو بأي بلد، فارتفع الإيمان بالغيب ووثق الناس بربهم.
بل بعض الناس لما سمع عن انجلاء هذه الفتنة كان يسجد على الأرض ويقول: الحمد لله، الحمد لله، الحمد لله، وعرف أن هناك رباً ينصر وينتقم ويأخذ وقد تحققت في الطاغية آيتين في القرآن، يقول سُبحَانَهُ وَتَعَالى: {وأَنَّ اللَّهَ لا يَهْدِي كَيْدَ الْخَائِنِينَ} [يوسف:52] فهو خائن فما هدى الله كيده، ويقول سُبحَانَهُ وَتَعَالى: {إِنَّ اللَّهَ لا يُصْلِحُ عَمَلَ الْمُفْسِدِينَ} [يونس:81] وهو مفسد فما أصلح الله عمله.