يقول عليه الصلاة والسلام في الصحيح: {عرض عليَّ الناس البارحة - أي: رآهم عليه الصلاة والسلام في المنام- وعليهم قمص -أي: ثياب- منها ما يبلغ الثدي، ومنها ما دون ذلك، وعرض عليَّ عمر بن الخطاب عليه قميص يجره، قالوا: ما أولت ذلك يا رسول الله؟ قال: الدين}.
دينه أسبغ عليه، دينه غطاه، دينه من أعمق الأديان وأصدقها ومن أرجحها عند الله.
يقول صلى الله عليه وسلم في الصحيح أيضاً: {رأيت البارحة في المنام كأني أشرب لبناً في كأس، فبقي فيه فضلة، فدفعته إلى عمر بن الخطاب} وفي الرواية الأخرى يقول: {رأيت كأني أشرب لبناً فشربت حتى رأيت الري في أظفاري -أي: أن بقية اللبن يدخل في الأظفار من كثرة ما شرب صلى الله عليه وسلم- ثم دفعت فضله إلى عمر بن الخطاب.
قالوا: ما أولت ذلك يا رسول الله؟ قال: العلم} فهو من أعلم الناس وكان يتفجر علماً، والله أعطاه سُبحَانَهُ وَتَعَالى من لدنه علماً وفتح عليه فتوحاً لأنه صدق مع الله.
أتى صلى الله عليه وسلم -وكان سهلاً قريباً من الناس، قريباً إلى القلوب- فجلس مع نساء المدينة وهو معصوم, يتكلم معهن، وكن يتمازحن في مجلسه، وإذا بـ عمر قد أقبل من ورائه بمسافة، فسمعت النساء صوت عمر أقبل، فهربن واختفين وراء الأستار ووراء الحجر، فدخل عمر وقال: يا عدوات أنفسكن! الرسول صلى الله عليه وسلم أولى أن توقرنه، وخفتن مني، أو كما قال.
قالت امرأة: أنت فظ غليظ والرسول صلى الله عليه وسلم سهل رحيم، فقال صلى الله عليه وسلم وهو يتبسم من الحوار: {هيه يا ابن الخطاب والله ما سلكت فجاً إلا سلك الشيطان فجاً غير فجك}.
قد كنت أعدا أعاديها فصرت لها بفضل ربك حصناً من أعاديها
نعم، كان عدواً للإسلام، لكن لما أسلم؛ اجتاح كل عدو للإسلام، كان قبل الإسلام في كفة الكفر، فلما أسلم؛ انتصر بإذن الله الإسلام انتصاراً خالداً ليس بعده انتصار.
لما أسلم جرد السيف ونزل في بطحاء مكة -كان المهاجر إذا هاجر المدينة اختفى، وخرج خلسة- أما هو فقد قال: [[يا معشر قريش! إني مهاجر الآن إلى المدينة، فمن أراد أن تثكله أمه فليلقني في بطن الوادي]] فما لقيه أحد.
حتى وضعت يميني لا أنازعها في كف ذي نقماتٍ قوله القيل
ويستمر عمر رضي الله عنه وأرضاه، وأكثر ما يميز عمر الزهد في الدنيا، والانقطاع عنها إلى الله.