صلى بالناس، وقرأ سورة الصافات، واستمر يقرأ حتى وصل قوله سُبحَانَهُ وَتَعَالى: {وَقِفُوهُمْ إِنَّهُمْ مَسْؤُولُونَ} [الصافات:24] فانقطعت قراءته باكياً، قال ابن كثير: كان يعاد شهراً كاملاً إذا سمع الآية من القرآن، إذا تأثر بالآية مرض في البيت شهراً وعاده الناس.
إنه يفهم معنى القرآن، إنه أمة تعيش القرآن، كان قرآناً يمشي على الأرض.
أمة بعثها الله من الصحراء, كانت قبل الإسلام لا تعرف إلا البقر والإبل والغنم، كانت تعبد الوثن والصنم، فلما رزقها الله هذا الدين خرجت للعالم بل لكل العالم.
صلت في قرطبة، وبنت الحمراء، وخطبت في الفسطاط، وبنت المسجد الأموي، وانتشرت في بقاع الأرض تعلن العدل والحب والسلام، أمة لم يكن لها تاريخ قبل الإسلام.
يقول أحد الشعراء وأنتم تعرفونه عبد الهادي حرب وهو سوري مسلم يقول:
إن البرية يوم مبعث أحمد نظر الإله لها فبدل حالها
بل كرم الإنسان حين اختار من خير البرية نجمها وهلالها
لبس المرقع وهو قائد أمة جبت الكنوز وكسرت أغلالها
لما رآها الله تمشي نحوه لا تبتغي إلا رضاه سعى لها
أي: لما رأى الله الأمة العربية المسلمة، كانت أمة لا تسجد إلا لله.
كانت أمة تتمرد على الدهر.
كانت أمة أقوى من الزمن.
كانت أمة أفصح من الفجر.
يدخل ربعي بن عامر وهو يحمل: لا إله إلا الله على رستم قائد فارس في البلاط الملكي الفارسي المجرم الكافر، فيقول رستم لـ ربعي: من أنت؟
قال: أنا مسلم.
قال: ماذا جاء بكم؟
قال: جئنا نفتح الدين بلا إله إلا الله.
قال: جئتني على فرس معقور وثياب ممزقة، ورمح مثلم تفتح لي الدنيا؟!!
قال: نعم.
[[إن الله ابتعثنا لنخرج العباد من عبادة العباد إلى عبادة رب العباد، ومن ضيق الدنيا إلى سعة الآخرة، ومن جور الأديان إلى عدل الإسلام]] وبدأت المعركة، وانتصر الإسلام، واكتسح ثلاثة أرباع المعمورة، ودخل كل بيت، وأذنت المآذن، وأصبح العالم الإسلامي مليار، لكن المليار ينقصهم ذرات من إيمان عمر!!
لكن المليار يحتاجون إلى حقن من حقن عمر.
لكن المليار يحتاجون إلى دم من دم عمر يجري في شرايينهم.
عدد الحصى والرمل في تعدادهم فإذا حسبت وجدتهم أصفارا
من كل مفتونٍ على قيثارة كلٌ رأيت بفنه بيطارا
أو كاذب خدع الشعوب بدجله عاش الزمان بعمره ثرثارا
أو عالمٍ لو مالقوه بدرهم رد النصوص وكذب الأخبارا
نحن نحتاج إلى جرعة، وإلى حقنة، وإلى بلسم من بلاسم عمر.