قال الله تعالى: {الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ} [البقرة:3] ما هو الغيب؟
كل ما استتر عنك فهو غيب، فهم يؤمنون ويصدقون بما أخبرهم به محمد صلى الله عليه وسلم؛ أن هناك جنة وناراً، وحساباً وعقاباً وثواباً، وأن هناك ميزاناً وصراطاً، وأن هناك نعيماً مقيماً أو عذاباً أليماً، وأن هناك رباً سُبحَانَهُ وَتَعَالَى، إلهاً حكيماً قادراً عليماً بصيراً سميعاً، مستوياً على عرشه، إنما يقول للشيء كن فيكون، له الملك وله الأمر، كل يوم هو في شأن
ولذلك هذا هو -والله- الإيمان، فبشرى لكم يوم آمنتم ولم تروا الرسول صلى الله عليه وسلم، ويوم أسلمتم وآمنتم بالله ولم تروا ربكم، فاعبدوا الله كأنكم ترونه فإن لم تكونوا ترونه فإنه يراكم.
كان رجل أعرابي يصلي في الصحراء، فمر به رجل ملحد فقال له: لمن تصلي؟ قال: لله الواحد الأحد.
قال: هل رأيته؟ قال: يا عجباً منك! البعرة تدل على البعير، والأثر يدل على المسير، فسماء ذات أبراج، وليل داج، وبحار تزخر، ونجوم تزهر، وسماء تمطر ألا تدل على السميع البصير؟!
فليتك تحلو والحياة مريرة وليتك ترضى والأنام غضاب
وليت الذي بيني وبينك عامر وبيني وبين العالمين خراب
إذا صح منك الود فالكل هين وكل الذي فوق التراب تراب
قال تعالى: {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ * اللَّهُ الصَّمَدُ * لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ * وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُواً أَحَدٌ} [الإخلاص:1 - 4].
وأسماء الله تعالى وصفاته من الغيب واستواؤه على عرشه من الغيب والجنة والنار من الغيب وما يحدث في العرصات، وما يحدث في القبر من منكر ونكير ومن عذاب ونعيم من الغيب فأنتم تؤمنون بالغيب، آمنتم بالغيب وصدقتم، فلكم النعيم وأنتم المفلحون إن شاء الله.
وبدأ الله تعالى بالغيب لأنها أعظم قضية؛ ولذلك ما ألحد من ألحد إلا يوم أن كفر بالغيب، فهم يقولون: لا إله والحياة مادة، وكل ما هو مشاهد وملموس نؤمن به وما وراء العيون لا نؤمن به وقد افتروا على الله: {قُلْ لا يَعْلَمُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ الْغَيْبَ إِلَّا اللَّهُ وَمَا يَشْعُرُونَ أَيَّانَ يُبْعَثُونَ * بَلِ ادَّارَكَ عِلْمُهُمْ فِي الْآخِرَةِ بَلْ هُمْ فِي شَكٍّ مِنْهَا بَلْ هُمْ مِنْهَا عَمُونَ} [النمل:65 - 66]
فالإيمان بالغيب هو أعظم قضية تواجه الإنسان، ومن لم يؤمن بالغيب لم يسلم، ولا يقبل الله منه صرفاً ولا عدلاً ولا كلاماً، ولا ينظر إليه ولا يزكيه وله عذاب أليم.