ولكن اسمعوا إلى كلام أساطينهم وعلمائهم الذين وصلوا إلى درجة من العلم، فدلهم هذا العلم على الله، ولكن ما وجدوا من يخبرهم بالإسلام، ولا من يوصل لهم الإيمان.
كما يقول كريسي موريسون في كتابه: (الإنسان لا يقوم وحده):
يا أبناء لا إله إلا الله! قدمنا لكم الثلاجة والبرادة والطائرة والصاروخ، وما قدمتم لنا الإيمان.
وهذا أستاذ الفلسفة في جامعة هارفارد، اسمه وليم جيمس يقول:
إن أعظم دواء للقلق أدركته ولا شك هو الإيمان، لكن نقول له: لو ذقت أنت حلاوة الإيمان التي نعيشها نحن، لآمنت ولصدقت ولرأيت السعادة والنور، عنده حد وقدر نسبي من الإيمان والتصديق فكيف لو رأى الإيمان، ما كان ينبغي أن تفتح مستشفيات لمرضى النفس، ولا أرق ولا هموم ولا غموم، لكن لما انحرف الجيل عن المسجد والقرآن والذكر والأوراد وعبادة الواحد الديان، امتلأت المستشفيات النفسية بالمرضى، بمرض القلق والأرق والتشنج، فحلنا وقضيتنا وعلاجنا ودواؤنا الإيمان.
يهددننا الناس والعالم بالبث المباشر، وكثير من الناس يرد منهم حلولاً، منهم من يقول: بتطوير شاشتنا لترد على شاشاتهم، ومنهم من يقول: بالتشويش على رادارهم وهذا لا يستطاع، ولكن نحن نقول: نملأ قلوب جيلنا وأمتنا بالإيمان فإذا تحصنا بالإيمان فلن يغلبونا أبداً.
لا تحدثني عن البث المباشر والعربسات وأقمار المقامر
أنا بثي دعوة قدسية تطفئ الشمس وتخزي كل كافر
والمذيعون علي والبرا وأبو بكر وعمار بن ياسر
ويقول الفيلسوف فرنسيس بيكون، وهو مشهور، وهو الذي ترجم له الزركلي في الأعلام وغيره يقول:
إن قليلاً من العلم قد يبعدك عن الله وكثيره يقربك من الله.
وهذا القرآن يصدقه، والحكمة ضالة المؤمن، يقول: أنا ببحوثي واكتشافاتي دلني العلم على الله، {إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ} [فاطر:28] لكن ربما تعرض لي سائل يقول: الواقع يكذب نظرية بيكون لأنا نجد من يحمل الماجستير والدكتوراه والشهادات العالية، ولا يصلى في المسجد ويهجر القرآن، ويفجر ويتناول المسكر، فأي نظرية صادقة.
نقول: نحن نتحدث عن علم القلوب لا عن علم الجيوب، ونتحدث عن علم القبر لا عن علم القِدر، لأن هناك علماً اسمه علم القبر وهناك علم القدر.
فعلم القبر الذي يدلك على الله، قال تعالى: {فَاعْلَمْ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ} [محمد:19] وقال تعالى: {قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُولُو الْأَلْبَابِ} [الزمر:9] وقال تعالى: {يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ} [المجادلة:11] وقال تعالى: {وقالَ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ وَالْأِيمَانَ} [الروم:56].
فهذا العلم هو الذي يرفعك ويقربك إلى الله، أما علم البطن والفرج والجيب والمرتب، فهو الذي أنتجته شهادات مزورة، قال تعالى: {وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ الَّذِي آتَيْنَاهُ آيَاتِنَا فَانْسَلَخَ مِنْهَا فَأَتْبَعَهُ الشَّيْطَانُ فَكَانَ مِنَ الْغَاوِين * وَلَوْ شِئْنَا لَرَفَعْنَاهُ بِهَا وَلَكِنَّهُ أَخْلَدَ إِلَى الْأَرْضِ وَاتَّبَعَ هَوَاهُ} [الأعراف:175 - 176] وهذا علم لا ينفع صاحبه وهو ردى وعمى عليه.
وهذا مثل ما حصل لـ سخروف، قبل أن يموت، فقد نشرت الشرق الأوسط قبل موته بشهر في موسكو مقالته عن الإيمان، وهي وثيقة تشهد الله على أنفسهم أنهم يعلمون أن لا إله إلا الله في أنفسهم.
ويقول هنري كورد صاحب شركة عالمية أمريكية: أعتقد أن الله تعالى لم يتخلَ عني في تلك الفترات من حياتي، فكان يساعدني على تصريف أموري، ولولا الله لانهارت أموري.
وقد ذكر الله هذا في القرآن، قال تعالى: {فَإِذَا رَكِبُوا فِي الْفُلْكِ دَعَوُا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ} [العنكبوت:65] إذا تقطعت بهم الحيل والأزمات واشتد الحبل؛ عادوا إلى الله ورجعوا إليه.
ويقول الطبيب النفساني كريميونت في كتابه: الرجل الحديث يبحث عن الروح:
جاءنا كثير من المرضي من الشعوب المتحضرة، وأكثر المرضى في القلوب من الشعوب المتحضرة، أهل القرى قليل مرضهم، المعقدون صناعياً هم أكثر الناس مرضاً؛ لأن علمهم ما دلهم على الله، قال: وكلما وجدت مشكلة وجدت أصلها؛ افتقارهم إلى الإيمان بالله العظيم الكريم، ليتهم يؤمنون، قال تعالى: {فَمَا لَهُمْ لا يُؤْمِنُونَ} [الانشقاق:20].
شبابنا في قضية الإيمان متردد في أن يقدم أو يحجم، قال تعالى: {أَفِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ أَمِ ارْتَابُوا} [النور:50] أم كأن الرسالة ارتابت في أذهانهم، أم كأن الأغنية الماجنة خير من التلاوة السعيدة، والمجلة الساقطة أحسن من الكتاب الإسلامي، والجلسة الحمراء خير من مجالس العلم، أم هداية استالين أعظم من هداية محمد عليه الصلاة والسلام، أم النار خير من الجنة، فما لهم لا يدركون هذا ويتفكرون.
ويقول المهاتما غاندي، وما أدراك ما غاندي! إنه عدونا، قتل مليون مسلم وتسبب في عقم مليون امرأة مسلمة في الهند، وهو يقدس في بعض بلاد العلمنة التي لا تعرف المناهج الربانية، يقول: بغير الصلاة كان يتحتم عليَّ أن أصبح معتوهاً أبله منذ مدة طويلة.
وهذا مع أن صلاته خاطئة، فكيف لو عرف صلاتنا؟!
كيف لو ذاق سجودنا؟!
كيف لو عرف مساجدنا؟!
كيف لو عاش هذه اللحظات الإيمانية؟!
لكن يعطيهم الله بقدر هذه المعرفة القلبية ما يؤنسهم، وهذا جزاء الكافر إذا ركن إلى غير الله في الحياة، فجزاؤه وقتي في الدنيا ولكن لا ثواب له عند الله.
ويقول ألكسس كاريل صاحب كتاب الإنسان ذلك المجهول وأنصح بقراءة هذا الكتاب، وقد نقل عنه سيد في كتاب الظلال أكثر كتابه هذا، نثره في الظلال من أوله إلى آخره، يقول:
لعل الصلاة من أعظم الموارد الحرارية للإنسان، إنها كمعدن الراديوم مصدر للإشعاع، ومولد ذاتي للنشاط.
ربنا قد عدنا إليك ورجعنا وتبنا، وعرفنا أن سر خلودنا وعظمتنا في الإيمان، اللهم فزدنا إيماناً وتوحيداً ومتابعة وفقهاً وهداية وعلماً.
عباد الله! صلوا وسلموا على من أمركم الله بالصلاة والسلام عليه، فقال: {إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً} [الأحزاب:56] وقال صلى الله عليه وسلم: {من صلى عليَّ صلاة واحدة صلى الله بها عليه عشراً} اللهم صلِّ وسلم على نبيك محمد وعلى آله وصحبه الكرام البررة يا رب العالمين.
اللهم إنا نشكرك شكراً جزيلاً، نشكرك على هذا الغيث، ونشكرك على هذا الماء، ونشكرك على هذا الرزق، نشكرك على هذه الحياة، فبالأمس استسقينا فسقيتنا واستنصرنا فنصرتنا وافتقرنا فأغنيتنا واستهدينا فهديتنا، اللهم إنا نسألك ثباتاً على هذا الرزق الطيب والهداية والرشد والسداد حتى نلقاك مؤمنين.
والحمد لله رب العالمين.