القضية الثانية في نزول الغيث: أن فيه آية؛ لأن الله يغيث القلوب متى أرادت القلوب غوث الله، أرض قاحلة وقلوب قاسية، فإذا طلبت القلوب مولاها باللين لينها الله، يقول سُبحَانَهُ وَتَعَالَى: {أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آمَنُوا أَنْ تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ اللَّهِ وَمَا نَزَلَ مِنَ الْحَقِّ وَلا يَكُونُوا كَالَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلُ فَطَالَ عَلَيْهِمُ الْأَمَدُ فَقَسَتْ قُلُوبُهُمْ وَكَثِيرٌ مِنْهُمْ فَاسِقُونَ} [الحديد:16] ثم قال: {اعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يُحْيِي الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا قَدْ بَيَّنَّا لَكُمُ الْآياتِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ} [الحديد:17].
أيها المسلمون: إن الله كما أحيا الأرض يحيي القلوب، فيا من أراد حياة القلوب! ليست حياة القلوب إلا عند محمد عليه الصلاة والسلام وهذه المادة المخدرة، مادة الطاقة التي يملكها القلب ليكون حياً حرام على أي منهج إلا منهج الإسلام.
أين ما يدعى ظلاماً يا رفيق الليل أينا إن نور الله في قلبي وهذا ما أراه
قد مضينا في ضياء الوحي حباً واهتدينا ورسول الله قاد الركب تحدوه خطاه
قد شربنا من كئوس الوحي حباً وارتوينا وكتبنا في العلى بالاسم تمجيد الإله
إذاً: غوث القلوب بالإيمان والوحي، ومن أراد أن يغيث قلبه فليبادر إلى الإيمان وذكر الواحد الديان والرسالة الخالدة، فوالله! ليس له من دون الله مغيث، ولو جمع لذائذ الدنيا وطاقات الدنيا وانفصل عن الإيمان ما كان إلا موتاً إلى موت وخيبة إلى خيبة.