أما أخبار الذاكرين في ذلك: فورد أن خالد بن معدان كان يذكر الله في اليوم أربعين ألف مرة.
وأما يوسف بن أسباط، فقالوا: كان يذكر الله مائة ألف، ويسبح الله ويهلله ويكبره.
فهؤلاء قوم قضوا أنفاسهم مع الله، ولا إله إلا الله كم نتكلم ونتحدث ونلغو، وكم نلهو، فأي نصيب جعلناه لذكر الله؟! وأي وقت صرفناه للذكر؟!
يقول عليه الصلاة والسلام عن الذكر والذاكرين في صحيح البخاري عن أبي موسى: {مثل الذي يذكر ربه والذي لا يذكر ربه، كمثل الحي والميت}.
فالذين لا يذكرون الله فإن كانوا يأكلون ويشربون، ويغنون ويزمرون، ويطبلون ويسرحون ويمرحون فهم أموات، كما قال الله: {أَمْوَاتٌ غَيْرُ أَحْيَاءٍ وَمَا يَشْعُرُونَ أَيَّانَ يُبْعَثُونَ} [النحل:21] الميت حقيقة هو: الذي لم يعش مع القرآن والإيمان والمسجد وطاعة الله عز وجل، وما استنار بنور محمد عليه الصلاة والسلام، والذي لم يعرف معنى الحياة، قال الله: {أَوَمَنْ كَانَ مَيْتاً فَأَحْيَيْنَاهُ وَجَعَلْنَا لَهُ نُوراً يَمْشِي بِهِ فِي النَّاسِ كَمَنْ مَثَلُهُ فِي الظُّلُمَاتِ لَيْسَ بِخَارِجٍ مِنْهَا} [الأنعام:122].
والظلمات هي: ظلمات المعصية والشهوة، والبعد عن الله تبارك وتعالى، لذلك يقول عليه الصلاة والسلام كما عند مسلم في الصحيح: {لأن أقول: سبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلا الله، والله أكبر، أحب إلي مما طلعت عليه الشمس} وفي رواية: {أو غربت} الدنيا سهلة، ذهبها رخيص، وفضتها رخيصة، ويوم توزن بالأعمال لصالحة لا قيمة لها، لأن قول سبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلا الله، والله أكبر، أحب إلى محمد عليه الصلاة والسلام مما طلعت عليه الشمس أو غربت.
وعند الترمذي بسند صحيح أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: {من قال: سبحان الله وبحمده غرست له نخلة في الجنة} انظروا كم يفوتنا من النخلات، لا إله إلا الله! لو غرسنا بهذا الذكر عند الله في دار الرضوان كنا من الفائزين؟!
فاعمل لدار غداً رضوان خازنها والجار أحمد والرحمن بانيها
قصورها ذهب والمسك طينتها والزعفران حشيش نابت فيها