Q هل شيخ الإسلام الهروي هذا هو الهروي الصوفي الذي رد عليه ابن القيم رحمه الله في كتاب مدارج السالكين في أبيات قالها؟
صلى الله عليه وسلم كتاب مدارج السالكين إنما هو شرح لكتاب الهروي شيخ الإسلام , الذي يسمى منازل السائرين , وشيخ الإسلام ابن تيمية يقول عن الهروي رحمه الله: عمله خير من علمه, فإنه فيه تصوف وهو يميل إلى الشافعية والحنابلة في الفرعيات, ولكنه إمام شجاع عضلة من العضل, يخاف منه السلاطين الظلمة, فعمله خير من علمه, وهو الذي عرض على السيف, لكن رد عليه ابن القيم في أبيات يقول:
ما وحد الواحد من واحد توحيد من وحده لاحد
فمن هذه الأبيات رد عليه, لأن فيها خبط وعدم وضوح.
والهروي من ذرية أبي أيوب الأنصاري , ومن أهل القرن الخامس، لكن يخاف الجدار ولا يخاف قلب أبي إسماعيل الهروي , وكان يهد الجيوش وله صوت جهور، إذا وعظ انتفضت قلوب السلاطين.
قيل أنه أتى مرة حساده في هرات في شمال أفغانستان , وأرادوا أن يشوا به للسلطان حتى يذبحه, فأتوا بصنم ووضعوه تحت سجادة الهروي في المسجد, وذهبوا للسلطان وقالوا: يا أيها الأمير! أبو إسماعيل يعبد الأصنام من دون الله, قال: سبحان الله! قالوا: والله! إنه يعبد صنماً من نحاس تحت سجادته, فأرسل الجنود يأخذوا الصنم لتعلم أننا صادقون؟
فأرسلَ الجنود فرفعوا السجادة فوجدوا الصنم من النحاس, وهذا السلطان هو محمود بن سبكتكين , جيشه مليون -ألف ألف- مقاتل, وهذا الملك هو الذي دمر بلاد الهند وأخذ الأصنام وأحرقها في النار, وهو الذي مدحه محمد إقبال إذ يقول فيه:
كنا نرى الأصنام من ذهب فنهدمها ونهدم فوقها الكفارا
لو كان غير المسلمين لحازها كنزاً وصاغ الحلي والدينارا
فاستدعاه محمود والوزراء والأمراء حوله, وسل السيف, وقال: متى يدخل عليّ وأجد فيه أنه فعل هذا فاذبحوه, قال: يا أبا إسماعيل! أتعبد الأصنام من دون الله؟ قال: ماذا؟ قال: وجدنا هذا الصنم من النحاس تحت سجادتك، فرفع صوته أمام السلطان وقال: سبحانك هذا بهتان عظيم! فأخذ السلطان يرتعد, وقال: تعالوا بالوشاة فجلدهم, وحبسهم, وأكرم أبا إسماعيل وأطلقه, وقد عرضه على السيف مرات, ولكن يقول هو: "ما فصل رأسي عن كتفي إلا ليقطع في سبيل الله" يعني باع نفسه من الله, فكان قوياً في ذات الله, لكن علمه تلقاه من مدرسة الشمال فأصبح فيه بعض الأخطاء نبه عليها ابن القيم رحمه الله, وهو صاحب هذه الأبيات المقصودة.
وأبو إسماعيل الهروي دخل على نظام الملك فقال له:
بسيفك أدرك المظلوم ثاره ومن جدواك شاد الملك داره
وقبلك هنئ الوزراء حتى نهضت بها فهنئت الوزاره
ثم أخذ يعظه حتى بكى!