Q ما حكم من التزم فترة ثم انتكس، وصار يترك الصلاة ويحلق اللحية، ويستمع إلى الغناء، ولا يحضر مجالس الذكر، وإذا وعظته لم يسمع الكلام؟ هل يجوز مصاحبته إذا كان يسمع لي في بعض الأحيان أم يجب هجره، وأرجو أن توضح كيف أهجره؟
صلى الله عليه وسلم أولاً: يا أخي! عليك أن ترى ما هي الحكمة في هذا الرجل، إن كان ما وصلته البينة والدعوة، وما وصلته النصيحة، وما أظهرت له الأحكام، فإني أوصيك أن تبين له، وتدعوه بالتي هي أحسن، فإذا أقمت عليه الحجة وانتكس فاهجره، والرسول عليه الصلاة والسلام ما كان يهجر أهل المعاصي حتى يرى أنهم وصلتهم البينة، فإذا وصلتهم البينة هجرهم، وإلا فهو ما هجر الكفار في أول الطريق حتى دعاهم إلى الله، فما دام أنك قد دعوته وبينت له، ونصحته ووعظته فأعرض، فأرى أن تهجره ليرتدع، وقد قال ابن تيمية في باب الهجر: المسلم يكون حكيماً في مثل هذه الأمور، فإذا رأى أن الهجر أفضل هجر، وإذا رأى أن التأليف أفضل ألف.
ولذلك بعض المذنبين لم يهجرهم صلى الله عليه وسلم، كمن يكون عنده شوكة وقدرة، فإن بعض الناس الوجهاء إذا هجرته ما يبالي بك، سواء هجرته أو لم تهجره، فلو تحببت إليه وتألفت لنفعته، وبعض المعرضين يخاف إذا هجرته، كأن يكون لك هيمنة أو مكانة عنده، فهذا تهجره، وتعجبني كلمة لـ ابن تيمية أذكرها كثيراً، يقول: ليس الذكي هو الذي يعرف الخير من الشر، بل الذكي الفطن هو الذي يعرف خير الخيرين وشر الشرين.
فوصيتي لك إن كنت قد بلغته وأسمعته فتهجره ليرتدع، لكن مع ذلك تتواصل معه بالنصائح والوسائل والأشرطة الإسلامية والكتب، علّ الله أن يهديه.