Q سمعنا أن الشيخ علي الطنطاوي لا زال حياً؟
صلى الله عليه وسلم أبشركم أنه لا زال حياً، وهو لا زال على قيد الحياة، وقد تمر ببعض الأشخاص في الحياة أمور وأخبار أنهم ماتوا وهم أحياء.
يقول أحد الفضلاء: كنت جالساً في الحرم -هو من المفكرين- قال: فأتاني أحد الشباب، فقال: أنت لم تمت؟ قال: لا.
قال: حدثني فلان أنك مت، قال: لا لم أمت، قال: والله هو قال لي وهو لا يكذب.
قال: والله إن مت فلا أدري، لكني أنا موجود انظر لي هنا.
وهذا مثل قصة جحا: أتاه رجل، يستعير حماره ليركبه، فقال جحا: الحمار ليس موجود أخذه فلان قبل أن تأتي، قال: صدقت.
فنهق الحمار من البيت، فقال: أسمع الحمار نهق وأنت تقول: ليس عندك، قال: سبحان الله تصدق الحمار ولا تصدقني!!
المتنبي مات كثيراً في حياته، وهو ما مات إلا مرة، لكن أماتوه كثيراً فيقول في قصيدة له يشكو ذلك، يقول:
بم التعلل لا أهلٌ ولا وطنٌ ولا نديمٌ ولا خِلٌّ ولا سكنُ
تحملوا حملتكم كل ناجيةٍ فكل بينٍ علي آثاركم ظعنوا
ما في هوادجكم من مهجتي عوض إن مت شوقاً وما فيها لنا ثمن
سهرت بعد رحيلي وحشة لكم ثم استمر مريري وارعوى الوسنُ
لا تلق دهرك إلا غير مكترث ما دام يصحب فيه روحك البدن
فما يديم سروراً ما سررت به ولا يرد عليك الغائب الحزن
ما كلُّ ما يتمنى المرء يدركه تجري الرياح بما لا تشتهي السفن
رأيتكم لا يصون العرض جاركمُ ولا يدرُّ على مرعاكمُ اللبن
كم قد قتلت وكم قد مت عندكمُ ثم انتفضت فزال القبر والكفن
وهؤلاء المحسودون في العالم دائماً يموتون، ويقال عنهم: صادفوا مشكلة، وتعرضوا لضربة قاصمة، وحد من نشاطهم، وأوقفوا عند حدهم، فـ المتنبي يقول: كم مت وأنا لم أمت إلا مرة! وكذا الجبان يقولون يموت مرات في اليوم، والشجاع لا يموت إلا مرة، حتى يقول العقاد في قصيدته، ويسلم على سعد زغلول، يقول فيها:
وفي كل يوم يولد المرء ذو الحجا وفي كل يومٍ ذو الجهالة يُلحدُ
يقول: الجاهل، الغبي، المعرض عن الله عَزَّ وَجَلَ، يموت دائماً، أما الشجاع فإنه يولد دائماً، والموت واحد.
وأسأل الله لي ولكم التوفيق والهداية والسداد والخير والنفع العميم، وأن يجعل أعمالنا خالصة لوجهه الكريم.
سبحان ربك رب العزة عما يصفون، وسلام على المرسلين، والحمد لله رب العالمين، وصلى الله على محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً.