إسناد الحديث إلى أهله

تاسعة المسائل: على المتحدث أن يسند الحديث إلى أهله، خاصة الأخيار -وكلكم أخيار- وخاصة من يحمل أمانة الكلمة أن يسند كل خبر إلى قائله، فمثلاً يقول: حدثني فلان بن فلان بكذا وكذا؛ لأن الرواية عن المجاهيل مظنة الكذب، وإذا ذكر المتحدث الزمان والمكان كان أحسن وأجمل وآكد، مثل أن تقول: حدثني فلان بن فلان في مدينة كذا يوم الثلاثاء الماضي ومعنا فلان بن فلان، لكي يصدقك الناس، أما إذا قلت: يقولون: وقال لي أحد الثقات، فكم من الثقات! أصبح الناس كلهم ثقات، فإذا بحثت وجدته ليس بثقة.

وتجد الرجل يقوم قيام الليل، ويصوم في النهار، ويكذب في الحديث، وبعض الوضاعين من أهل الجنة؛ لأنهم تعمدوا الوضع لكن خيل إليهم، وفي تذكرة الحفاظ للذهبي، أتى رجل لـ أبي حاتم وهو يجرح ويعدل فيقول: حدثنا فلان عن يحيى بن معين أنه قال: إني لأتحدث عن أناس قد وضعوا رواحلهم في الجنة من مائة سنة، فبكى عبد الرحمن بن أبي حاتم حتى أسقط الكتاب من يده، يعني: إنهم وهموا في الأخبار لأنهم عباد اشتغلوا بالعبادة عن حفظ الأحاديث، فساء حفظهم فدخلت عليه الموضوعات، ولذلك قيس بن الربيع مثلاً عابد لكنه ضعيف، ورشدين بن سعد عابد لكنه ضعيف في الرواية، حتى يقول الصنعاني في حديث {أحلت لنا ميتتان ودمان} قال:

ولا يصح رفع ذاك فاعلم إذ فيه رشدين بن سعد قد رمي

وغيرها من الأحاديث الكثيرة.

فالمطالب هو إسناد الأحاديث إلى قائليها، وأن تعزوها حتى تعفى من المسئولية إذا أسندتها قال لي الأديب الفلاني، أو المفكر، أو فلان بن فلان، فبذلك تأمن من مغبة نسبة الكذب إليك، وإذا لم تسند خبرك، فإنك سوف تكون ملوماً أمام الناس أنك الذي يفتعل الأخبار، وينشئ الافتراءات، ويخادع الناس ببهارج من القول لا أساس لها.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015