Q ما رأي فضيلتكم في إضاعة الوقت في أمور الدنيا والحرص على متاعها الزائل.
صلى الله عليه وسلم يقول أهل العلم: إن ابن آدم يولد من بطن أمه وهو ممسك يديه قالوا: وذلك علامة على حرصه وجشعه وحسده وحب التملك عنده.
وحب التملك فطري في الإنسان، حتى الطفل أول ما يتحرك يبدأ بأخذ الأشياء، يأخذ القلم، يأخذ الساعة، يبكي على اللعب، يبكي على المأكولات والمطعومات والمشروبات وذلك كله من حب التملك، وكلما شاب الإنسان وكبر سنه، كبر حب التملك عنده، حتى تجد الإنسانَ في عمر الستين، كأنه سوف يعيش مائتين أو ثلاثمائة سنة، ما يتكلم إلا في العمارات والقصور، وأبناؤه هذا توظف، وهذا أرسل له راتبه، وهذا سوف يسكن معه، كأنه يعيش ولا يفكر بالقبر، إلا من رحم ربك.
ومن أكبر الخطايا خطيئة حب الدنيا، ويقولون: إن قابيل قتل هابيل بسبب حب الدنيا؛ والجشع على الدنيا؛ ولهذا اعلم أن من يحب الدنيا كثيراً وتستولي عليه فقد عبدها من دون الله، وقد اتخذها إلهاً يعبد من دون الله: {مَنْ كَانَ يُرِيدُ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا نُوَفِّ إِلَيْهِمْ أَعْمَالَهُمْ فِيهَا وَهُمْ فِيهَا لا يُبْخَسُونَ * أُولَئِكَ الَّذِينَ لَيْسَ لَهُمْ فِي الْآخِرَةِ إِلَّا النَّارُ وَحَبِطَ مَا صَنَعُوا فِيهَا وَبَاطِلٌ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ} [هود:15 - 16]
تجرد من الدنيا فإنك إنما أتيت إلى الدنيا وأنت مجرد
ويقول سُبحَانَهُ وَتَعَالَى: {وَلَوْلا أَنْ يَكُونَ النَّاسُ أُمَّةً وَاحِدَةً لَجَعَلْنَا لِمَنْ يَكْفُرُ بِالرَّحْمَنِ لِبُيُوتِهِمْ سُقُفاً مِنْ فِضَّةٍ وَمَعَارِجَ عَلَيْهَا يَظْهَرُونَ * وَلِبُيُوتِهِمْ أَبْوَاباً وَسُرُراً عَلَيْهَا يَتَّكِئُونَ * وَزُخْرُفاً وَإِنْ كُلُّ ذَلِكَ لَمَّا مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةُ عِنْدَ رَبِّكَ لِلْمُتَّقِينَ} [الزخرف:33 - 35].
والذي يزهدك في الدنيا ثلاثة أمور:
أولاً: أن تعرف أنك لا تتملك إلا ما رزقك الله، وأنه لا يقع في يدك إلا ما كتب الله.
ثانياً: أن تعد لتلك الحفرة -القبر- فإنك سوف تقدم عليها لا محالة، وأن تذكر أن مصرعك قريب.
ثالثاً: أنك كلما تكثرت منها تكثرت من الحساب والنكال والسؤال عند الله يوم القيامة.