وأما مسألة الصلاة على الميت فسوف أوردها إجمالاً ثم تفصيلاً؛ حيث إن من السنة أن يصلى على الميت، والشهداء لا يصلى عليهم لأن الله سبحانه وتعلى زكاهم وقبل منهم، لأن مقصود الصلاة الشفاعة عند الله عز وجل، والترجي والشهداء قد أصبحوا بمنزلة عالية.
قال جابر: {دفن صلى الله عليه وسلم شهداء أحد وكفنهم في ثيابهم، ودفن الاثنين والثلاثة في قبر واحد، ولم يصل عليهم، ولما دفنهم صلى الله عليه وسلم قال: أنا شهيد عليكم أنكم شهداء عند الله}.
وكان صلى الله عليه وسلم يؤتى بالجماعة من الناس وهم شهداء وهم قتلى فيقول: {أين الأحباب منهم في الدنيا} يسأل صلى الله عليه وسلم: أين المتآخون والمتصادقون، فيجعل الأخ مع أخيه، والصديق مع صديقه، والصاحب مع صاحبه، ويقول: {أيهم أكثر أخذاً للقرآن فيشار إليه إلى أحد فيجعله من تجاه القبلة كالإمام عليهم} وهذا فيه أن الشهيد لا يصلى عليه.
وأما حديث عقبة بن عامر في مسلم: {أن الرسول صلى الله عليه وسلم صلى على شهداء أحد}.
فالصحيح أنها ليست بصلاة، وإنما هو دعاء، وذلك بعد ثمان سنوات من موتهم؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم لما حضرته الوفاة ذهب إلى المقبرة ودعا لهم في الليل وترحم عليهم، ثم رجع وتوفي بعدها بأيام صلى الله عليه وسلم، فهذا إنما هو زيارة ودعاء لهم، وليست صلاة، فهذا يجمع بينه وبين الحديث الذي قد يرد عليكم، وقد أورده ابن كثير في التفسير وغيرهم من أهل العلم، فليعلم هذا.