تلخيص لما مضى

ألخص ما أقول: أصول التربية عند الرسول عليه الصلاة والسلام، أو من أصول التربية في حياته خمسة:

أولها: تربية أصحابه على حب الله عز وجل وعلى حب الرسول عليه الصلاة والسلام حباً منقطع النظير أشهى من الماء البارد والعسل المصفى.

الثاني: الشجاعة والإقدام، شجاعة تكسر أسوار الحديد المادي، وشجاعة تقتحم كل حجاب من حجب الشهوة والمادة.

الأصل الثالث: الصراحة والوضوح، صراحة تنبني على انطلاق الكلمة المعبرة من القلب الصادق الذي لا يعرف النفاق، ولا المجاملة ولا الالتواء، عند ذلك يقول عمر على المنبر: [[يا أيها الناس! لو رأيتموني اعوججت فما أنتم صانعون؟ فيسكت الناس ويقوم أعرابي -وقيل: إن عمر قال: يا أيها الناس! لو رأيتموني ملت عن الطريق هكذا، فماذا تصنعون؟ فسكتوا- وقام أعرابي وسل سيفاً من آخر المسجد، قال: يا أمير المؤمنين والله الذي لا إله إلا هو، لو رأيناك ملت عن الطريق المستقيم هكذا، لقلنا بالسيوف هكذا، قال عمر: الحمد لله الذي جعل في رعية عمر من لو قال هكذا، لقالوا بالسيوف هكذا]].

أليست صراحة ووضوحاً؟ بلى.

الأصل الرابع: لين ورفق يدخل الدعوة إلى قلوب الناس، لا عنف ولا قتل، لا إرهاب ولا تمزيق للأعراض، لا جرح للنفوس، لا مرارة، بل حب ينساب كالنور إلى الأرواح، أو كالماء البارد.

الأصل الخامس: طموح وعلو همة يرقى بها الإنسان ليعيش في الحياة سيداً وعبداً لله لا لغيره، فهذه العبودية التي تكون في قوله سُبحَانَهُ وَتَعَالى: {إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ} [الفاتحة:5] {وَلَقَدْ أُوحِيَ إِلَيْكَ وَإِلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكَ لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ وَلَتَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ * بَلِ اللَّهَ فَاعْبُدْ وَكُنْ مِنَ الشَّاكِرِينَ} [الزمر:65 - 66].

فالصلاة والسلام على محمد ما ذكره الذاكرون، وما غفل عنه الغافلون، وما أتى إليه أتباعه يطلبون الهدي من سنته، فنسأل الله أن يثبتنا على منهجه، وعلى سيرته، وأن يفقهنا في دينه، وأن يجمع قلوبنا على تربيته الخالدة الرائدة.

سبحان ربك رب العزة عما يصفون، وسلام على المرسلين، والحمد لله رب العالمين، وسلام الله عليكم ورحمته وبركاته.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015