عاش كما يعيش الشاب المؤمن المعرض عما يشغله عن الله سُبحَانَهُ وَتَعَالَى، مقبلاً على الله، وكان وعمره ثمان سنوات كما روى عنه أصحاب السير وأرباب التاريخ الذين أرخوا عنه في أكثر من أربعة كتب: كان يسجد وعمره ثمان سنوات في الأسحار ويمرغ وجهه في التراب ويقول: "يا معلم إبراهيم علمني! ويا مفهم سليمان فهمني ".
ويقول: "والله إنه لتنعجم علي المسألة -يعني تصعب المسألة لا أستطيع أن أحلها- قال: فأستغفر الله أكثر من ألف مرة أو أقل أو ألف فيفتحها الله عليّ".
قال: "وربما طالعت في الآية الواحدة في مائة تفسير، فلا أجد تفسيراً يطمئن له قلبي، فأذهب إلى تلك الخرابات -يعني القرى المهجورة في دمشق - فأمرغ وجهي بالتراب فيفتح الله علي بفتح من عنده".
ولذلك تجدون في قسم التفسير من فتاويه أنه يقول: هذه الآية أخطأ فيها كل المفسرين، ثم يأتي بالصحيح، فهذا الرجل العملاق كان يجلس من بعد صلاة الفجر إلى ارتفاع النهار يقرأ الفاتحة ويرددها حتى يقول ابن القيم: إني أراه يهتز في بعض الأوقات -يعني: يهتز جسمه- فأقول له: ما لك؟ قال: إن في الدنيا جنة، من لم يدخلها لم يدخل جنة الآخرة، وهي جنة الأنس بالله والرضا بما عند الله، والانقياد لأمر الله، وجنة الفرح بالله سُبحَانَهُ وَتَعَالَى.
رآه ابن القيم كما قال في كتبه: "رأيت ابن تيمية في المنام بعد أن توفي، قلت: ما فعل الله بك؟ قال: رفعني على بعض الأكابر -أكابر يعني من أهل الدين، رفعني عليهم في الدرجات- رفعني على بعض الأكابر، قلت: وأنا، -يسأل عن نفسه وهو حي- قال: كدت أن تلحق بنا ولكنك في منزلة ابن خزيمة ".
وابن خزيمة إمام الأئمة وكعبة العلماء أبو بكر المحدث الكبير.