أثبت لنا هذا الحادث أن هناك أناساً يعيشون على غير قيم ولا مبادئ، يتجهون مع الريح في كل اتجاه، ما لهم كلمة منضبطة مثل أهل الأدب، لم يصوروا الأشخاص على حقيقتهم، حاكم العراق هذا من يوم أتت به أمه وهو عدو لله، فلماذا لا يأتي هؤلاء الشعراء والأدباء والمفكرون يصورنه للناس من قبل غزو الكويت؟ بل كانوا يمدحونه، وأحدهم مدحه في المربد بقصيدة هائلة رنانة طنانة وسلمه هو الوسام وألبسه أمام الجماهير، ثم بعد الغزو نزل هذا عليه وسبه ورد جائزته، فقط من سيئاته غزو الكويت، وله سيئات أعظم وأدهى وأمر منها.
وفي هذا الحادث اكتشفنا أن في العالم الإسلامي غثائية في العدد، مليار مسلم، لكن تعال عد، منهم فريق صوفية في الزاوية، عليهم مرقعات لا يعرفون إلا نشيداً في مدح الرسول عليه الصلاة والسلام:
طلع البدر علينا من ثنيات الوداع
وجب الشكر علينا ما دعا لله داع
وليس لهم تعلق بالجهاد ولا بالاقتصاد، ولا بالإعلام، ولا بالساحة، ولا بمجريات الأحداث فقط في الزوايا، وفريق من هؤلاء مترفون ليس لهم هم إلا التزلج على الثلج والسفر إلى باريس وبانكوك وصيد الأرانب ومطاردة الحمام، والهواية بيع القيم في سوق الخسارة.
اكتشفنا أن هناك فريقاً لكنه هزيل عنده توجه وخير لكن لا يعرف إلا نفسه، نفسي نفسي، يصلي ويعود إلى المسجد، وإذا رأى فتنة قال: {أعوذ بكلمات الله التامات من شر ما خلق} ولا يدعو ولا يعلم ولا يتعلم.
وهناك ثلة باقية رائدة، هي التي تسمى: الصحوة الإسلامية، إن بني عمك فيهم رماح، وهذه التي أقضت مضاجعهم، مضاجع الكفار وحسبوا لها ألف حساب، وهي مخيفة؛ لأنها سيطرت على العالم الإسلامي، ولأنها موجهة ومنضبطة، وليس بصحيح من يقول: إن فيها تطرفاً وقد سبقت الإشارة إليه بخطبة جمعة، ليس فيها تطرف، يمكن أن يكون صوراً، أما أن يكون ظاهرة فخطأ، وما سمعنا بتطرف والحمد لله.
واكتشفنا من هذا الحادث: أن العدو لابد أن نعرفه من قبل أن نصادقه وأن نعرف كيف نتعامل مع الناس بالكتاب والسنة وبلا إله إلا الله، فأما الولي فنواليه، وأما العدو فنعاديه.
أيها الإخوة الفضلاء! عسى الله أن يجعمنا بكم مرات ومرات بإذنه سبحانه وتعالى، وسلام الله عليكم ورحمته وبركاته.