المسألة الرابعة: هل أرسل الله من الجن رسلاً، كما أرسَل من الإنس؟
هذه المسألة عند أهل العلم من ترف المسائل، ولن يسألنا الله يوم القيامة: هل أرسلنا من الجن رسلاً؟
وهذه مثل مسألة: هل أرسل الله من النساء رسولات؟
لأن الله أوحى إلى مريم، وأوحى إلى بعض الصالحات، فهل معنى ذلك أن الله أرسلهن؟
وما الدليل على عدم الإرسال أو الإرسال من النساء؟
هل هناك أدلة في القرآن تنفي أو تثبت أن الله أرسل رسلاً من النساء؟
فـ ابن حزم الظاهري صاحب المحلى يقول: أرسل الله من النساء رسلاً، ومريم أوحى الله إليها، فهي رسولة نبية، فهل نوافق ابن حزم على هذا، أم نخالفه؟ ومن يخالفه فعليه بالدليل.
الدليل على المخالفة: {وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ إِلَّا رِجَالاً نُوحِي إِلَيْهِمْ فَاسْأَلوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ} [النحل:43] قال: رجالاً، ولم يقل نساءً.
والذي عليه جمهور أهل السنة: أن الله لم يرسل إلا رجالاً، وأما النساء فلم يرسل الله سُبحَانَهُ وَتَعَالَى منهن رسولات؛ لضعف المرأة؛ ولأنها ليست صاحبة قوامة؛ ولأن تكوينها لا يقوم بأعباء الرسالة؛ ولذلك يقول صلى الله عليه وسلم: {لا يفلح قوم ولوا أمرهم امرأة}.
فمن هذا الجانب -بارك الله فيكم- لم يرسل الله امرأة، وقد ادعت سجاح أن الله أرسلها، والتقى بها مسيلمة الكذاب، التقى بالكذابة، حتى إن شاعر قبيلة سجاح يقول:
أضحت نبيتُنا أنثى يُطاف بها وأصبحت أنبياءُ الناس ذُكرانا
يقول: ليتها لمَّا ادعت النبوة كانت ذكراً، لكنها كذابة وأنثى.
وأما من الجن فلم يرسل الله منهم أحداً -كما علمنا- وإنما أرسل من الإنس؛ لأنه قال لما ذكر رسالة الرسول صلى الله عليه وسلم: {قُلْ لَئِنِ اجْتَمَعَتِ الْأِنْسُ وَالْجِنُّ} [الإسراء:88] {يَا مَعْشَرَ الْجِنِّ وَالْأِنْسِ إِنِ اسْتَطَعْتُمْ أَنْ تَنْفُذُوا مِنْ أَقْطَارِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ فَانْفُذُوا لا تَنْفُذُونَ إِلَّا بِسُلْطَانٍ} [الرحمن:33] إلى غير تلك من الآيات.