ومن علامات المنافقين أيضاً: الإفساد في الأرض بزعم الإصلاح: {وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ لا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ قَالُوا إِنَّمَا نَحْنُ مُصْلِحُونَ * أَلا إِنَّهُمْ هُمُ الْمُفْسِدُونَ وَلَكِنْ لا يَشْعُرُونَ} [البقرة:11 - 12] تجده يسعى بالنميمة بين الناس, ويشهد شهادة الزور, يقاتل بين الأخ وأخيه، وبين الأب وابنه, يسعى بالوشاية، يكون كهشيم النار, يحرق البيوت، يدمر المجتمعات, فإذا قلت له: يا فلان! ويلك من الله، اتق الله، قال: والله ما أريد إلا الإصلاح، الله يعلم أني أريد أن أصلح هذه الأسرة, أو هذا المجتمع, أو هذه القبيلة, وقد علم الله أنه يريد الفساد, وأكثر من أفسد بين القبائل والمجتمعات والأسر, هؤلاء المنافقون، إما شاهد زور، وإما متزلف، وإما مدعوم بنفاق: {وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يُعْجِبُكَ قَوْلُهُ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيُشْهِدُ اللَّهَ عَلَى مَا فِي قَلْبِهِ وَهُوَ أَلَدُّ الْخِصَام * ِ وَإِذَا تَوَلَّى سَعَى فِي الْأَرْضِ لِيُفْسِدَ فِيهَا وَيُهْلِكَ الْحَرْثَ وَالنَّسْلَ وَاللَّهُ لا يُحِبُّ الْفَسَادَ} [البقرة:204 - 205] , هذا علامة النفاق الإفساد بين الأسر والمجتمعات, وقد تجددت وسائل خدمة هؤلاء المفسدين، منها: التلفون، فأصبح يرتاح ويتكئ على أريكته ووسادته ويشغل القلوب، ويحرق بين الأسر, ويفسد المجتمعات وهو جالس, يتصل بفلان، ويقول له: قال فيك فلان, ويتدخل في المشكلة، في الظاهر أنه يريد الإصلاح، وفي الباطن يريد الإفساد, ماذا حدث بينكم؟
سمعنا أنه جرى بينكم كذا وكذا! وقد ساءني هذا وما نمت البارحة! وقد نام البارحة وغطّ وخطّ في نومه، حتى إنه لا يعلم أين هو, لكن في الظاهر، أما في الباطن فيعلمه الله.