ولكن وُجد من الناس من لا يراقب الله، ولا يرعى الله، ولا يخاف الله في عباد الله، وُجد منهم من يتأخر في دوامه، فيبقى في بيته متخلفاً متأخراً، ومعاملات الناس ومصالحهم مركونة بمكتبه، فإذا حضر سوَّف في عمله، سيئ في خُلُقه، متبجِّح في تصرفاته، لا يراعي حق المسكين، ولا حق الضعيف، ولا حق المسافر المنقطع، بل بعضهم لا تتطلب منه المعاملة وقتاً طويلاً فتكثر الإجراءات، فيَعِدُ الأسابيع بعد الأسابيع، والأشهر بعد الأشهر، فينقطع المسلم ببابه واليتيم والمسكين والأرملة، فيجازيه الله عليه يوم العرض الأكبر.
وبعضهم إذا حضر كانت تصرفاته غير سليمة، لا يتعامل بالخلق الحسن، ولا بالرحمة، ولكن تجده معسراً معتباً شرساً متكبراً على عباد الله؛ وهذا لقلة الإيمان في قلبه؛ ولأنه ما عرف سيرة محمد عليه الصلاة والسلام ولا سيرة أصحابه.
ومنهم من يخرج أثناء الدوام فيترك وظيفته وعمله، ويخرج في أمور ذاتية شخصية لبيته ولأغراضه الخاصة، يخرج إلى المستشفى أو السوق، وما عمل عمله، فقد خان الأمانة {إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمَانَةَ عَلَى السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبَالِ فَأَبَيْنَ أَنْ يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا الْأِنْسَانُ إِنَّهُ كَانَ ظَلُوماً جَهُولاً} [الأحزاب:72].
ومنهم من لا يراعي الله عزَّ وجلَّ في أعمال المسلمين، فيحيف، وربما ينسى الإنصاف في المعاملة؛ فيقدم قريبه وحبيبه ويُبعد هذا ويُقرب هذا لأمور دنيوية سوف يُسأل عنها يوم يبعثر ما في القبور ويُحصَّل ما في الصدور.