الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على رسولنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
أمَّا بَعْد:
كما سلف في درسين من دروس التربية النبوية التي تتحدث عن جوانب شخصيته عليه الصلاة والسلام، وآثرت هذا الموضوع؛ لأن الحديث في الأحكام يطول، وقد أوعبت الأمة في هذا الجانب إيعاباً عظيماً، ولكن مما يلمح -خاصة في هذه العودة إلى الله عز وجل- أن جانب الآداب وجانب التربية لا زال يحتاج إلى أمور وإلى نقولات كثيرة واستنباطات من سيرته عليه الصلاة والسلام، وهذا الدرس بعنوان: معالم شخصيته عليه الصلاة والسلام، وكما ذكرت لكم في الدرس الماضي إننا لا نتحدث عن الرسول عليه الصلاة والسلام حديثاً مجرداً عن العاطفة، أو مجرداً عن الحب، إن هذا التجرد التاريخي الذي يطالبنا به بعض الكتبة إذا تحدث عن الرسول عليه الصلاة والسلام فهو باطل، صحيح أننا نتجرد إذا كتبنا عن إنسان غير الرسول عليه الصلاة والسلام، أما إذا كتبنا عنه صلى الله عليه وسلم، فمن الذي يجردنا عن حبنا وعاطفتنا؟ ومن الذي يجردنا من اتباعه صلى الله عليه وسلم؟ إن من يكتب أو يتكلم عنه إنما هو تلميذ يتحدث عن شيخ درس عليه وتعلم منه، أو جندي عن قائد، فكان لزاماً علينا أن نعيش هذه الروح روح الإيمان.