المسألة التاسعة عشرة: وأما هديه صلى الله عليه وسلم في السحور يقول صلى الله عليه وسلم: {ما يزال الناس بخير ما عجلوا الإفطار وأخروا السحور} أو {ما عجلوا الفطور وأخروا السحور} متفق عليه من حديث سهل بن سعد، فالسنة أن تعجل الإفطار إذا غربت الشمس، والسنة أن تؤخر السحور حتى إلى قبل طلوع الفجر، قيل لـ زيد بن ثابت: كم كان بين صلاته صلى الله عليه وسلم الفجر وبين سحوره؟ قال: {مقدار ما يقرأ القارئ خمسين آية} رواه البخاري، فقدر أنت هذا القدر وهذا هو السنة، وأما لو تقدمت فتسحرت مع عشائك لجاز، ولو بقيت بلا سحور لجاز، ولو تسحرت حتى تسمع الأذان لجاز، لكن السنة أن تؤخره حتى تبقى فترة وجيزة بين السحور وبين صلاة الفجر، يقول عليه الصلاة السلام كما في حديث عمرو بن العاص الصحيح: {فصل ما بيننا وبين أهل الكتاب أكلة السحر} أهل الكتاب: يعني اليهود والنصارى، ويقول عليه الصلاة السلام: {تسحروا فإن في السحور بركة} متفق عليه من حديث أنس.
وبركة السحور تأتي بثلاثة أمور أولها: أنك تقوم في وقت يتجلى الله للناس على سماء الدنيا فينادي فيقول: {هل من سائل فأعطيه، هل من داع فأستجيب له، هل من مستغفر فأغفر له} فتكون من المستغفرين.
ثانيها: أنك أحييت سنة من سنن المصطفى صلى الله عليه وسلم وهي سنة السحور.
ثالثها: أنك استعنت بالسحور على صيام النهار، وهذا من بركة السحور التي ذكر عليه الصلاة السلام.