المسألة الثالثة عشرة: الحجامة
هل للصائم أن يحتجم؟ وإخراج الدم، وإسعاف المرضى، والجرحى هل هذا وارد أن يسحب دم من الصائم أم لا؟
هذا كثر الكلام في الحجامة وهي من المسائل التي تكسرت النصال فيها على النصال، وتساقطت فيها عمائم الأبطال من أهل العلم، مرة تسمعون في جمعة من الجمع قبل سنة: أنها لا تفطر وسوف تسمعون الليلة أنها تفطر، وهذا يظهر بالأدلة والاستقراء واستماع كلام أهل العلم والمحققين، ورد فيها أحاديث منها: حديث في البخاري عن ابن عباس رضي الله عنه وأرضاه قال: {احتجم صلى الله عليه وسلم وهو محرم واحتجم صلى الله عليه وسلم وهو صائم} هذا لفظ حديث ابن عباس في البخاري قال الإمام أحمد: لا يصح أنه احتجم صلى الله عليه وسلم وهو صائم، وقال يحيى بن سعيد الأنصاري الجهبذ النحرير العلامة الداهية المحدث: لا يصح أنه احتجم صلى الله عليه وسلم وهو صائم.
إذاً: فالحديث فيه وهم، ولو كان في البخاري ففيه غلط، لفظة وهو صائم غلط، أثبت المحدثون أنها وهم في صحيح البخاري، والصحيح أن الحجامة تفطر لقوله صلى الله عليه وسلم: {أفطر الحاجم والمحجوم} فيما رواه الخمسة وغيرهم إلا الترمذي وقوله صلى الله عليه وسلم لما مر بحاجم يحجم صائماً: {أفطر هذان} فهذه بارك الله فيكم الأدلة؛ يقول السيوطي: بلغ هذا الحديث درجة التواتر، فهو صحيح لا يعارض به حديث آخر، وفي الدارقطني بسند قوي قال: {نهى صلى الله عليه وسلم عن الحجامة للصائم ثم احتجم صلى الله عليه وسلم} وهذا لا يثبت لأن الأحاديث الصحيحة عارضته وهي أقوى منه، وهذا حديث فيه كلام.
إذاً: فالحجامة تفطر الصائم ولا يسحب من المسلم دم ولا من المسلمة وهما صائمان لأنه يقاس على الحجامة، لأن الحجامة أخذ دم، الله أعلم بالسر في ذلك، لكن هذه خلاصة المسألة، وهو رأي كثير من أهل العلم منهم ابن القيم في زاد المعاد.