وقال سبحانه: {إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ} [الإسراء:9].
هذا القرآن وحده مع السنة يهدي للتي هي أقوم، في العقائد، والمعاملات، وفي العبادات، وثيقة -وقد كررت هذا الكلام- أثبتت قوتها وأثبتت أنها سوف تبقى بإذن الله، كما يقول شوقي:
آياته كلما طال المدى جددٌ يرينهن جلال العتق والقدمِ
وقال آخر:
أتى على سفر التوراة فانهدمت فلم يفدها زمان السبقِ والقدمِ
ولم تقم منه للإنجيل قائمةٌ كأنه النوم زار الجفن في الحلمِ
وثيقة ماركس اللعين عليه غضب الله انتهت في اثنتين وسبعين سنة على يدِ أذنابه وعملائه، لكن الإسلام ما زال منتصراً في الساحة، في القارات الخمس يمرُ مر السحاب، صنع الله الذي أتقن كل شيء، القرآن وحده: {إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ} [الإسراء:9].
وانظر إلى هذا التعبير، يهدي للتي هي أقوم: للتربية، وللسلوك، وللأخلاق، وللمعتقدات، والمعاملات، لتحكيمه في حياة الناس، للسياسية الشرعية، وقال سبحانه في أسباب الهداية: {وَمَنْ يُؤْمِنْ بِاللَّهِ يَهْدِ قَلْبَهُ} [التغابن:11] احفظ هذه الجملة {وَمَنْ يُؤْمِنْ بِاللَّهِ يَهْدِ قَلْبَهُ} [التغابن:11] ولم يقل: يهدِ عينه؛ لأن العين قد تذهب، كثيرٌ من الناس عمي، ولكن قلوبهم كالشمس، وكثيرٌ من الناس مبصرون ولكن قلوبهم ظلماتٌ بعضها فوق بعض، ظلمات الشهوات والمعاصي: {وَمَنْ يُؤْمِنْ بِاللَّهِ يَهْدِ قَلْبَهُ} [التغابن:11] يقول تعالى: {مَا أَصَابَ مِنْ مُصِيبَةٍ فِي الْأَرْضِ وَلا فِي أَنْفُسِكُمْ إِلَّا فِي كِتَابٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَبْرَأَهَا} [الحديد:22].
{:وَمَنْ يُؤْمِنْ بِاللَّهِ يَهْدِ قَلْبَهُ} [التغابن:11] قال ابن عباس: [[هو العبد تصيبه المصيبة فيسلم ويرضى، ويعلم أنها من عند الله، فيهدي الله قلبه]] عندنا في الإسلام المؤمن يموت ابنه فيقول: آمنتُ بالله وتموت زوجته، فيقول: إنا لله وإنا إليه راجعون، ويتهدم بيته ويحترق ماله، ويرى المصائب مثل الجبال، فيقول: إنا لله راجعون، فيهدي الله قلبه، ويزيده إيماناً على إيمانه، دين أقوى من الحديد، إرادات تكسر الحجر، لأنه دينٌ خالد يصل بالعبد إلى رضوان الله عز وجل والسعادة.