يقول سبحانه: {وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ} [العنكبوت:69] يقول أحد الشعراء الحكماء -وعجب ابن تيمية من قصيدته في درء تعارض العقل والنقل - وكان هذا العالم شاعراً مجيداً وكان داعياً إلى الله -يقول في قصيدة لوعة وأسى وحسرة وتبتل إلى الله:
وحقك لو أدخلتني النار قلت للذين بها قد كنتُ ممن أحبه
وأفنيت جسمي في علومٍ كثيرةٍ وما منيتي إلا رضاه وقربه
أما قلتمُ: من كان فينا مجاهداً سيحمد مثواه ويعذب شربه
أترجم القصيدة وهي بالعربية، لكنها مناجاة الأصفياء والأخيار، يقول: وحقك يقول: "والله لو أدخلتني النار لأتكلمن إلى أهل النار وأقول: والله إني كنتُ أحب الله في الدنيا.
وحب الله شيءٌ عظيم: يشرب الخمر شارب في عهد الرسول عليه الصلاة والسلام مرات، فيجلدونه بالجريد والنعال والأحذية، ويقول أحد الصحابة عنه: قاتلك الله قال عليه الصلاة والسلام: {لا تسبه فوالذي نفسي بيده، ما علمته إلا أنه يحب الله ورسوله} ولو أنه يشرب الكأس، لكن هناك فطرة من الحب، غير أنه ما سقاها وما قواها حتى تصبح شجرة: {تُؤْتِي أُكُلَهَا كُلَّ حِينٍ بِإِذْنِ رَبِّهَا} [إبراهيم:25].
فيقول هذا: "يا رب! وحقك إن أدخلتني النار قلت للذين بها: قد كنتُ ممن أحبه".
ويقول في آخر القصيدة: أما قلتمُ من كان فينا مجاهداً أما قلت في القرآن يا رب! من جاهد فيك سوف تعظم قدره وتكرمه: {وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ} [العنكبوت:69] قال:
أما قلتم من كان فينا مجاهداً سيحمد مثواه ويعذب شربه
يا الله! يا الله! هذه الأمة اتجهت إليك، ما تريد بديلاً عن الإسلام، وهذه الصحوة العارمة جربت كل شيء، فما وجدت خلودها ولا أمنها ولا استقرارها إلا في الإسلام.