ولنستمع إلى الإمام البخاري وهو يفتتح كتاب اللباس: بسم الله الرحمن الرحيم: كتاب اللباس: "باب قول الله تعالى: {قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللَّهِ الَّتِي أَخْرَجَ لِعِبَادِهِ} [الأعراف:32] " هذه الآية جاءت رداً على الذين كرهوا جمال اللباس، والتزين بنعم الله -عز وجل- وأنكروا أن يتزين الإنسان في الحياة، فرد الله سُبحَانَهُ وَتَعَالَى عليهم بهذه الآية فقال: {قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللَّهِ الَّتِي أَخْرَجَ لِعِبَادِهِ وَالطَّيِّبَاتِ مِنَ الرِّزْقِ قُلْ هِيَ لِلَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا خَالِصَةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ} [الأعراف:32] فالطيبات للذين آمنوا في الحياة الدنيا، وهي لهم في الآخرة ولا يدخل معهم الكفار، فالكفار يشاركون المؤمنين في هذه الحياة، بل يزيدون عليهم بالذهب والحرير، والرسول عليه الصلاة والسلام أخبر أنها لهم في الدنيا ولنا في الآخرة.
{قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللَّهِ الَّتِي أَخْرَجَ لِعِبَادِهِ} [الأعراف:32] من هذا الذي أحل وحرم غير الله عز وجل وغير رسوله صلى الله عليه وسلم؟ {وَلا تَقُولُوا لِمَا تَصِفُ أَلْسِنَتُكُمُ الْكَذِبَ هَذَا حَلالٌ وَهَذَا حَرَامٌ لِتَفْتَرُوا عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ} [النحل:116] فالتحليل والتحريم لا يأتي إلا من الكتاب والسنة، ولذلك دخل في باب التحريم والتحليل أناس ليس عندهم علم، فأفتوا الناس بأن هذا حلال وهذا حرام؛ فافتروا على الله.
فالذي يريد أن يحرم فليأتِ بدليل، والذي يريد أن يحلل فليأتِ بدليل، لا يقل: هذا الطعام حرام؛ لأن فيه كيت وكيت.
من أين لك تحريمه؟ وقد سمعنا وسمعتم، ورأينا ورأيتم من أدخلته هذه الفتيا في باب الوسوسة، حتى حرم على عباد الله ما أحل الله لهم، وحلل لهم ما حرم الله عليهم، وهو باب خطير يأتي تفصيله.
قال ابن القيم كلاماً في إغاثة اللهفان معناه: حملت هذه الوسوسة بعض الناس إلى أن حرموا طعام المسلمين، وأكلوا طعام الملاحدة والزنادقة.
فلذلك أباح الله لنا أشياء ذكرها في الكتاب، وذكرها رسوله صلى الله عليه وسلم، وحرم أشياء ذكرت كذلك.