وأمور التعظيم والتشريف في البيت المسلم تحصل في أمور:
1/ أن تُعظِّم الله في قلب ابنك فتعرفه على الواحد الأحد، فلا يتلفظ بلفظ الجلالة إلا في مكارم الأمور، وفي أشرف المناسبات، وأن تعلمه أين الله تبارك وتعالى، وتعرفه على صفات الواحد الأحد، فتعرفه كرمه سُبحَانَهُ وَتَعَالَى، وحلمه، وبره، وتريه آثار القدرة في آياته وصفاته، فعندما يأكل الطعام، تقول له: هذا من فضل الله؛ ليحب الله، وعندما يلبس اللباس، فتقول: هذا من جود الله، ليتعرف على الله، وحينما يسكن البيت فتقول: هذا من توسيع الله عز وجل ومن فضله، فيتحبب إلى الله تبارك وتعالى.
2/ تعظيم كتاب الله، فتحبب إليه القرآن وتعظم مبدأ القرآن في قلبه، وتجعل من أعظم اهتماماته في الحياة أن يحفظ كتاب الله، فإن وجدت قصاصة من المصحف رفعتها، وقبلتها، وطيبتها، وهو يراك، ووضعتها على رأسك، فهذه أعظم من مائة محاضرة تحاضر فيها عن عظمة القرآن، وإذا رأيت شيئاً من أحاديث المصطفى صلى الله عليه وسلم فترفعه، وإذا ذكر لك الرسول صلى الله عليه وسلم في المجلس فتصلي وتسلم عليه، وتدعو الله أن يجزيه عن الإسلام خيراً، وعن الدعوة براً، وعن البشرية فخراً.
3/ أن تُعظِّم في قلبه رسول الهدى صلى الله عليه وسلم، وتعظم في قلبه كيف كان صلى الله عليه وسلم، وأبو بكر وعمر وعثمان والصحابة أجمعون، فيعيش ونجوم مجده هؤلاء القوم وليسوا نجوم الفن ولا نجوم الغناء كما يفعل بعض الناس، لأن كثيراً من الأطفال تربوا على أن العظماء هم المغنون والمغنيات الأحياء منهم والأموات، فيرى أن هذا المغني قد شق طريق المجد، وقد صعد وقد نال من الفخر ما لم ينله أحد من العالمين، ويظن بعض الأطفال أن هؤلاء الفنانين والفنانات أنهم رزقوا من العقول والذكاء والجلالة ما لم يرزقه أحد من الناس لا لشيء إلا لأن الطفل يصبح ويمسي على صوت هذا المغني!! وأما ذكر محمد صلى الله عليه وسلم، فقلّ في بيته.
4/ وطائفة من الناس ثقافتهم دخيلة عميلة ضالة رأوا أن نجوم المجد ماركس ولينين وهرتزل ونابليون وهتلر أعداء الإنسانية، يقرءون كتبهم، ويحفظون كلماتهم، وهؤلاء -والذي لا إله إلا هو، والذي شرف وجه محمد بالرسالة- لا يساوون الغبار الذي كان على حذائه صلى الله عليه وسلم، والله إنهم لا يساوون الغبار الذي وطأه صلى الله عليه وسلم، والله إنهم لا يساوون ولو اجتمعوا من الشرق ومن الغرب بصاق أبي بكر وعمر وعثمان وعلي.
أولئك آبائي فجئني بمثلهم إذا جمعتنا يا جرير المجامع
{أُولَئِكَ الَّذِينَ هَدَى اللَّهُ فَبِهُدَاهُمُ اقْتَدِهْ} [الأنعام:90] أولئك الذين ركبوا مجد التاريخ، وأسمعوا أذن الزمن، وامتطوا البحار يرفعون لا إله إلا الله، أولئك الذين علَّم الله الإنسانية بهم الهداية، وعلم الله بهم الضلالة، ومحق الله بهم العمالة، أولئك الذين كانوا قرءاناً يمشي على الأرض، كانوا يتعاملون بالقرآن، وينامون على حدس القرآن، ويصحون على صوت القرآن، أولئك الذين نظر الله إلى قلوبهم فرضي عنهم ورضوا عنه، فيكلم شهداءهم كفاحاً، ويرضى عن كلام أدبائهم ويثني عليهم وهم في الحياة الدنيا، يجتمعون تحت شجرة فينزل جبريل بكلام الله، ويقول: {لَقَدْ رَضِيَ اللَّهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبَايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ} [الفتح:18] يجتمعون في الصباح الباكر، فيتنزل عليهم جبريل بقوله سُبحَانَهُ وَتَعَالَى: {مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ تَرَاهُمْ رُكَّعاً سُجَّداً يَبْتَغُونَ فَضْلاً مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَاناً سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِمْ مِنْ أَثَرِ السُّجُودِ} [الفتح:29] جلالة، ونور، وبياض، وإشراق، وبشاشة، أما أولئك الذين أُدخلوا علينا عن طريق المجلات الخليعة والكتب الظالمة الظانة الغاشمة أولئك أنجس خلق الله، فالكلاب أطهر منهم، والحمير أنزه منهم، لأنها مخلوقة بلا عقول تكليف، أما هم فكلفوا بعقول ثم ألحدوا، وكفروا، وأعرضوا فهم أضل منها سبيلاً.
{أَفَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاهُ وَأَضَلَّهُ اللَّهُ عَلَى عِلْمٍ وَخَتَمَ عَلَى سَمْعِهِ وَقَلْبِهِ وَجَعَلَ عَلَى بَصَرِهِ غِشَاوَةً فَمَنْ يَهْدِيهِ مِنْ بَعْدِ اللَّهِ أَفَلا تَذَكَّرُونَ} [الجاثية:23] إن الذي لا يؤمن بالله عليه لعنة الله في الدنيا والآخرة.
{إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَمَاتُوا وَهُمْ كُفَّارٌ أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ لَعْنَةُ اللَّهِ وَالْمَلائِكَةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ * خَالِدِينَ فِيهَا لا يُخَفَّفُ عَنْهُمُ الْعَذَابُ وَلا هُمْ يُنْظَرُونَ} [البقرة:161 - 162].
أسأل الله بأسمائه الحسنى وبصفاته العلى أن يشرفنا وإياكم، وبيوتنا، وأطفالنا بالإسلام، الذي أتى به رسول الهدى صلى الله عليه وسلم.
إن البرية يوم مبعث أحمد نظر الإله لها فبدل حالها
بل كرم الإنسان حين اختار من خير البرية نجمها وهلالها
عباد الله! صلوا وسلموا على من أمركم الله بالصلاة والسلام عليه، فقال: {إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً} [الأحزاب:56].