قطيعة الوالدين

Q أنا رجل منقطع وعندي ولدان، الأول منهم موظف ودخله كبير، والثاني: عنده تجارة ومؤسسة، وهم لا ينفقون عليّ ولا على أمهم، وأنا في حاجة ماسة وعليّ ديون ولا أجد من يوصلني بالسيارة، فكيف أفعل مع هؤلاء الأبناء وما هو الحل؟

صلى الله عليه وسلم حسبنا الله ونعم الوكيل، الابن الأول موظف ودخله كبير، والثاني عنده تجارة ومؤسسة وهذا مديون هو وزوجته أم الأولاد، ولا يجد من يوصله بالسيارة، تصور الوضع، أين لا إله إلا الله؟ وأين المسجد؟ شابان قويان، كان هذا الأب وهذه الأم قد سهروا الليالي وجاعوا ليشبعوا، وأنفقوا عليهم وربوهم فلما أصبحوا عجزة شيوخاً كباراً متهدمي الأعضاء مهزوزي الأركان، تولى عنهم ذاك الموظف الذي دخله كبير ولكن للشياطين، والآخر معه تجارة ومؤسسة، والوالد في البيت يبكي لا يجد من يوصله بالسيارة، فندعوا الأبناء إلى لا إله إلا الله، وندعوهم إلى التوبة، وندعوهم إلى محاسبة النفس.

أما الوالد هذا المسكين والوالدة فأقول لهم أمور: الأمر الأول: أن يسألوا الله الهداية لولديهما في أدبار الصلوات بأن الله يهديهم: {وَأَصْلَحْنَا لَهُ زَوْجَهُ إِنَّهُمْ كَانُوا يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَيَدْعُونَنَا رَغَباً وَرَهَباً وَكَانُوا لَنَا خَاشِعِينَ} [الأنبياء:90] فعليكما أيها الوالدان الجليلان بالدعاء في أدبار الصلوات والسجود، عل الله أن يهديهم.

الأمر الثاني: أرى أن تنصحوهم وأن تعرضوا أحوالكم عليهم بالعطف عل الله أن يعطف قلوبهم عليكم، وتعرضوا عليهم بعض الأقارب، وبعض الأرحام علهم أن يؤثروا عليهم، فإن لم يجد ذلك فما يحسن السيف إلا سيف القضاء، الشريعة المطهرة.

فعل بعض الصحابة بأبنائه في عهد الرسول صلى الله عليه وسلم هكذا، فأتى أحدهم إلى الرسول عليه الصلاة والسلام فقال: يا رسول الله! أشكو إليك ابني، قال: ماذا فعل؟ قال: يا رسول الله! جعت ليشبع، وسهرت لينام، وظمئت ليروى، وتعبت ليرتاح، فلما كبر ضربني ولوى يدي، فبكى عليه الصلاة والسلام، وقال: هل قلت فيه شعرا؟ -ذكر ذلك الزمخشري - قال: نعم قلت فيه قصيدة يا رسول الله! قال: ماذا قلت؟ قال:

غذوتك مولداً وعلتك يافعاً تعل بما أجري عليك وتنهل

إذا ليلة وافتك بالسقم لم أبت لسقمك إلا شاكياً أتململ

كأني أنا الملدوغ دونك بالذي لغدت به دوني فعيناي تهمل

فلما بلغت السن والغاية التي إليها مدى ما فيك أؤمل

جلعت جزائي غلظة وفضاضة كأنك أنت المنعم المتفضل

فبكى عليه الصلاة والسلام ودعا الابن فأخذه بتلابيب ثيابه وهزه وقال: {أنت ومالك لأبيك} هذا القضاء في الإسلام، فالقاضي يجبر هؤلاء المردة، ويأخذهم بالسوط وبالعصا، ويأخذهم بالقوة حتى ينفقوا عليك وعلى أمهم نفقة تكفيك وتكفي أمهم ويخصص لهم ما يكفيهم من المرتب وما يكفيهم من خدمة، ووصول بسيارة، هذا أمر الله، لكن نحن ندعوهم قبل أن تصلوا إلى القضاء، ونأمل من الله عز وجل أن يرد ويعطف قلوبهم عليكم , فإنه سبحانه قدير وبالإجابة جدير.

وملاحظة على السؤال الذي سبق في الأضحية: أما أنه يقسمها ثلاثة أقسام فيعطي ثلثها ويهدي ثلثها ويأكل ثلثها، فأصبحت هذه من باب المستحبات عند أهل العلم، والرسول صلى الله عليه وسلم لم يوجبها وجوباً، وإنما جعله صلى الله عليه وسلم على الاستحباب إذا وجد فقير ومحتاج ومن يستنفع بالأضحية، فثلث يأكلها وثلث يوزعه هدية وثلث يتصدق به، هذا على الاستحباب، لكن إذا ما وجد طالبها، ولا إلى من يهدي واستغنى الناس والحمد لله فليضعه في البيت فليأكلها كلها.

هنيئاً مريئاً غير داء مخامر لـ عزة من أعراضنا ما ستحلت

طور بواسطة نورين ميديا © 2015