أهمية الأخوة الإسلامية والحث عليها

جلس الصحابة في مجلس يتشاورون في الجهاد، فتكلم بلال على خالد، فرد عليه خالد بكلمة قاسية يعيره بلونه، فقال بلال: والله لأرفعنك إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم.

ولكن الصحيح أن صاحب القصة أبو ذر، وهي في البخاري، بخلاف ما يذكره أهل التاريخ فذهب بلال وشكاه إلى الرسول عليه الصلاة والسلام، فاستدعى الرسول عليه الصلاة والسلام أبا ذر، ودخل عليه، قال: فسلمت عليه فلم أدر من الغضب هل رد عليَّ السلام أم لا؟ وقال لي: {أعيرته بأمه، إنك امرؤٌ فيك جاهلية} {إخوانكم خولكم جعلهم الله تحت أيديكم}.

والذي يحمل هذه الأفكار المنتنة؛ أفكار اللون، والتمييز العنصري، والتمييز بالنسب، وبالبلد جاهل بالشريعة الإسلامية جاهل بالإسلام، وبالأدب، والكرم وواجب علينا أن نؤدبه، وأن نوقفه عند حده، وأن نقول له في نفسه قولاً بليغاً؛ ليعلم أن هذا الدين أوسع من عقليته الضيقة، وأن هذا الإسلام أرحب من صدره الضيق الأسود المظلم.

هذه فكرة! ولعلها أن تنشأ في الجامعات وتدرس، وتعلم في المدارس، لأنه مر على العالم الإسلامي فكرة القومية، التي أنشدها الطلاب في المدارس، وبثتها الصحف، وحفظها بعض الناس، وكتبوا فيها مذكرات؛ لفصل وتمزيق هذا الجسم الواحد {المسلمون كالجسد الواحد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى}.

وأقول: إذا رُد على رجل من أي بلد أو على مفكر أساء، أو على شاعر أخطأ، أو على مؤلف أساء الأدب؛ لا يعني ذلك أن ننسى حسنات هذه الشعوب، وإنني أقول كما قال الشاعر العربي:

بـ الشام أهلي وبغداد الهوى وأنا بـ الرقمتين وبـ الفسطاط جيراني

وأينما ذكر اسم الله في بلد عددت ذاك الحمى من صلب أوطاني

فأي: بلد يسجد فيه لله فهو بلدي، وأي ناطق يقول: لا إله إلا الله، فهو أخي، وأي ساجد لله فهو حبيبي، قال تعالى: {إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ * وَمَنْ يَتَوَلَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا فَإِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْغَالِبُونَ} [المائدة:55 - 56].

اللهم اجعلنا من حزبك ومن أوليائك ومن أحبابك، اللهم من أراد بالأمة الإسلامية تمزيقاً فمزقه، ومن أراد بها فرقة ففرق شمله، وأكثر همه وغمه، وأذهب عقله.

عباد الله! صلوا على من جمع الكلمة، وألف الوحدة، وأتى بالإخاء، وبث الحب، وجمع الأواصر.

صلوا وسلموا على المعصوم العظيم الذي حررنا من رين الجاهلية، وأعتقنا من ذل الشرك، وأخرجنا من عبودية المعصية إلى نور الطاعة.

صلوا وسلموا على من أصلح الأمة وفتح الدنيا بالعدل، وأنار الأفكار بالنور.

صلوا وسلموا على من حرر الإنسان من عبوديته للإنسان، ودله على جنة عرضها السماوات والأرض صلوا وسلموا على من ألف الله به بين الأرواح، وأصلح القلوب، وأنار الأبصار، وأسمع الآذان.

اللهم صلِّ وسلم عليه ما تعاقب الليل والنهار، وما فاحت الأزهار، وما ترعرعت الأشجار، وما انهمرت الأمطار، وعلى آله وعلى صحبه الكرام الأبرار.

اللهم اجمع كلمة المسلمين؛ اللهم وحد صفوفهم، اللهم خذ بأيديهم لما تحبه وترضاه، اللهم أخرجهم من الظلمات إلى النور.

اللهم أصلح شباب المسلمين واهدهم سبل السلام.

اللهم انصر الجهاد والمجاهدين، واجمع كلمتهم على الحق يا رب العالمين!

اللهم أصلح أئمتنا وولاه أمورنا، واجعل ولايتنا في عهد من خافك واتقاك واتبع رضاك، برحمتك يا أرحم الراحمين!

سبحان ربك رب العزة عما يصفون، وسلام على المرسلين، والحمد لله رب العالمين.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015