دور الاستعمار في تمزيق الأمة ومسخ عقيدتها

إن هذه البلاد -بلاد محمد عليه الصلاة والسلام- ترحب بكل مسلم يحمل هوية لا إله إلا الله محمد رسول الله، وإنه شرف لنا أن نستقبل هؤلاء الضيوف من كل أصقاع العالم الإسلامي، ما داموا يحبون الله ورسوله، ويحترمون الإسلام؛ فإنا ننزلهم على الجفون ونضعهم على المقل.

وإن من واجب الضيافة علينا؛ أن نهش ونبش لهذا العطاء الوافر ولهذا الوفد الكريم الذي أتى ليبني ويثقف ويربي ويعلم، وأما الذين ينقمون على الإسلام؛ فلو كانوا إخواناً لنا في بيوتنا لألقمناهم حجراً، وحق علينا أن نملأ أفواههم تراباً من أي بقعة، أو من أي شعب، أو من أي جنس.

إن القضية هي قضية الإسلام، وقضية لا إله إلا الله محمد رسول الله، وإن الشعوبية الجديدة التي تتغلغل في العالم الإسلامي لتمزقه أكثر من هذا التمزيق؛ لهي عقيدة فاشلة خاطئة، أرادها الاستعمار.

فهذا الدين، دين إخاء وقربى وحب وتواد، أتى به محمد عليه الصلاة والسلام.

أتطلبون من المختار معجزة يكفيه شعب من الأموات أحياه

وقف عليه الصلاة والسلام يوم عرفة، وكان أمامه في الحجاج بلال من الحبشة وصهيب من أرض الروم وسلمان من بلاد فارس وأبو بكر من أرض العرب.

وقف عليه الصلاة والسلام ليقول للجميع: {كلكم لآدم وآدم من تراب، لا فضل لعربي على أعجمي، ولا لأعجمي على عربي إلا بالتقوى} {إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ} [الحجرات13] فما دام أن ربنا واحد وإمامنا واحد، ورسالتنا واحدة، وقبلتنا واحدة؛ فلا دخل للدماء، ولا للألوان، ولا للألسن، ولا للوطنية، ولا للتراب.

إننا أمة سماوية، أنزل الله عز وجل وحيها من السماء، وأبدعها وأخرجها للناس، قال تعالى: {كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ} [آل عمران:110] أمة صنعها الله على سمع وعلى بصر؛ فهي لا تؤمن بالكيانات الأرضية التي تقطع صلتها بلا إله إلا الله، ولا تتبع كل ناعق يريد أن يشتت شملها، وأن يوجد بينها تمييزاً عنصرياً بحسب البلدان أو المناطق أو الألوان، فهذا حرام حرام حرام نرفضه ولا نقبله، ولا نقبل من يأتي به ونرده عليه.

تلكم هي رسالة إلى مصر المسلمة، التي أنبتت العقليات والعبقريات والبطولات.

أعني مصر التي قدمت للعالم العلماء، وقدمت الشباب الصالح البناء المثمر، وقدمت أيضاً المؤلف النافع والعقلية الذكية، وقدمت الطهر والدعوة والإصلاح.

ولا أعني الناحية التي لا يسلم منها شعب ولا بلد؛ ناحية عالم الشهوات والشبهات والظلام؛ فهذا ليس لي معهم كلام لا هنا ولا هناك لا اليوم ولا غداً، وإنما بيننا وبينهم في مصر أو في أي شعب من شعوب الإسلام حبل وثيق مدَّهُ عليه الصلاة والسلام كأعظم ما تمد حبال الثقة.

إذا الإيمان ضاع فلا أمان ولا دنيا لمن لم يحي دينا

ومن رضي الحياة بغير دينٍ فقد جعل الفناء لها قرينا

تساوت في المجرة فاستقامت ولولا الجاذبية ما بقينا

أقول ما تسمعون، وأستغفر الله العظيم لي ولكم، فاستغفروه وتوبوا إليه إنه هو التواب الرحيم.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015