أصاب المسلمين في عهد عمر رضي الله عنه قحطٌ أكل الأخضر واليابس (عام الرمادة) وقال عمر: [[والله لا آكل سمناً ولا سميناً حتى يكشف الله الغمة عن المسلمين]] وبقى مهموماً هماً يتأوه منه ليلاً ونهاراً، نزل الأعراب حوله في العاصمة الإسلامية المدينة المنورة بخيامهم، كان يبكي على المنبر عام الرمادة، وينظر إلى الأطفال وهم يتضورون جوعاً أمامه، وود أن جسمه خبزاً يقدمه للأطفال.
وأخذ يقول: [[يا ليت أم عمر لم تلد عمر يا ليتني ما عرفت الحياة آه يا عمر كم قتلت من أطفال المسلمين]] لأنه يرى أنه هو المسئول الأول عن الأكباد الحرَّى، والبطون الجائعة، وفي الأخير تذكر عمر أن له في مصر إخواناً في الله، وأن مصر بلداً معطاءً، سوف يدفع الغالي والرخيص لإنقاذ العاصمة الإسلامية، وكان والي مصر عمرو بن العاص الداهية العملاق، كتب له عمر رسالة، وهذا نصها:
[[بسم الله الرحمن الرحيم، من عمر بن الخطاب أمير المؤمنين، إلى عمرو بن العاص
أمَّا بَعْد:
فوا غوثاه وا غوثاه والسلام]].
وأخذها عمرو بن العاص، وجمع المصريين ليقرأ الرسالة المحترقة الملتهبة الباكية المؤثرة أمامهم؛ ولما قرأها عمرو؛ أجاب عمر على الهواء مباشرة، وقال: [[لا جرم! والله لأرسلن لك قافلة من الطعام أولها عندك في المدينة وآخرها عندي في مصر]] وجاد المصريون بأموالهم كما يجود الصادقون مع ربهم، وبذلوا الطعام، وحملوا الجمال وذهبت القافلة تزحف كالسيل، وتسير كالليل، تحمل النماء والحياة والخير والزرق والعطاء لعاصمة الإسلام.
ودعا لهم عمر، وحفظها التاريخ لهم حفظاً لا ينساه أبد الدهر.