Q في مرة من المرات حضرت محاضرة في مسجدكم هذا وسرقت عليَّ حذاء، فدعوت على السارق، فما حكم هذا، وهل عليَّ كفارة، والسلام؟
صلى الله عليه وسلم الله المستعان: {الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ * أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ} [البقرة:156 - 157].
رد الله عليك فقيدك، وجبر الله قلبك، وأخلف الله عليك في حذائك.
أما ما ذكرت من هذه المصيبة فإنها تحدث، والله سُبحَانَهُ وَتَعَالَى هو الذي كتبها، وهو من باب القضاء والقدر، فقد كتب الله عليك أن تسرق حذاؤك قبل أن تخلق بخمسين ألف سنة في كتاب عنده.
فعليك أولاً: أن تصبر وتحتسب، وأن تكتم شكواك ولا تخبر أحدأً.
ثانياً: دعوت على من سرقها، وما أظنه إلا إنساناً وهم، وما أظن أن أهل الخير هؤلاء وصفوة الناس، وصفوة الرأي العام والمجتمع يسرقون، لكن قد يهم بعضهم، أو ينسى أو احتاج إليها، فهذا من هذه الأعذار.
وأما أنك دعوت عليه فقد انتصفت؛ لأن المظلوم إذا دعا على ظالمه فقد انتصف، ولو تركته لأنصفك الله من حسناته يوم القيامة ووضعها لك، وأخذ من سيئاتك ووضعها عليه، فما دام أنك دعوت عليه فقد انتصفت، ثم ليس لك حسنات منه ولا يوضع عليه سيئات منك.
وأريد ألَّا تُشهر بهذا الأمر، وأن تحتسب.
فأحد الناس في قرية وكان يبيع على الناس فطائر في مقهى، فسرقت عليه طاوة لا تساوي ثلاثة ريال، فكان يصلي الصبح ويقرأ سورة يس ويبكي ويدعو على من سرق الطاوة، فقال له أحد الدعاة: لو صرفت هذا الدعاء وقراءة سورة يس في شيء آخر لنفعك الله به، أما أن تدعو على هذا الإنسان صباح مساء كأنه اقترف أكبر الجرائم، وهي طاوة لا تساوي ثلاثة ريالات.
فهذا الحذاء أمره سهل، واحتسبه عند الله عزوجل، ونسأل الله لك ولنا الهداية.
وصلى الله على محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً.