تجد بعض الناس دائماً يتمتم بالتسبيح حتى يقول عنه المنافقون: هؤلاء موسوسون، وفي حديث ضعيف ضعفه الشوكاني وغيره من الأئمة: [[اذكر الله حتى يقول الناس: إنك مجنون]] ولو أن بعض العلماء صححه لكنه لا يصح بل هو ضعيف، ومعنى الحديث: أي: كأن الإنسان موسوس.
حتى إن أحد الصالحين وقد كان يسبح كثيراً، قال عنه أحد الشباب: عمنا موسوس، فقال في قصيدة:
ومن هيامي بكم قالوا: به مرض فقلت: لا زال عني ذلك المرض
يقول: من ذكري لك -يا رب- يقول الناس: إن بي مرضاً، فقلت: لا زال هذا المرض.
وقال ابن القيم في بيت جميل:
إذا مرضنا تداوينا بذكركم ونترك الذكر أحياناً فننتكس
ولذلك تجد الصالحين دائماً يتمتمون، وقد مرَّ معنا في أحد الدروس: أن أحد المسلمين ذهب إلى المدينة النبوية فرأى أناساً من نيجيريا معهم مسابح طويلة يسبحون لكنه لا يدري ماذا يقولون، إنما يسمعهم يتمتمون بالتسبيح -وهذه المسابح فيها كلام سوف يأتي إن شاء الله فالبعض معه مسبحة لا يحملها الحمار، وكل حبة مثل التفاحة!! وهؤلاء هم غلاة الصوفية - فوجدهم يسبحون ويتمتمون لكنه لا يسمعهم وهو لا يعرف المسابح إلا ذاك اليوم، فاشترى مسبحة ورجع إلى قريته فكان يجلس في المجلس فيتمتم ويشتغل في المسبحة، فيقول له الناس: ماذا تقول يا فلان؟ قال: أقول: الحقي أخواتك الحقي أخواتك، فهو لا يعرف التسبيح فتمتم بباطل أو بمباح من القول.
وهذا ضياع للعمر فالسنة أن تعلق قلبك بذكر الله عز وجل سواء لامك الناس أو لم يلوموك.
قال النووي في كتاب الأذكار في مسألة: هل يترك الإنسان التسبيح والتحميد من أجل الناس؛ لأن بعضهم إذا جلس في المجلس يقول: لو هللت، قالوا: ماذا في هذا الإنسان؟ وهذا صحيح أنه ملفت للنظر، وينبغي للإنسان ألا يلفت الأنظار إليه لكن هل يترك الذكر فلا يسبح؟ لأنه يقول: لو سبحت لقالوا: ماذا حدث لي هل أنا موسوس أو مراء، قال النووي: "ومن راقب الناس في هذه الأمور فاته أجر كثير".
وهذا صحيح؛ فمن راقب الناس: قالوا وفعلوا ولاحظوا راقبوا، فاته أجر كثير، كما قال الفضيل بن عياض فيما صح عنه: "العمل من أجل الناس رياء، وترك العمل من أجلهم شرك، والسلامة أن يعافيك الله منهما، وأخلص العمل من أخلص العمل لله عز وجل".
فهذه مسألة حفظ الوقت مع الله عز وجل، وكيف يستغل هذه الدقائق الغالية.
والله ولي التوفيق والقادر عليه، وصلى الله على محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً.