ولكن الرسول صلى الله عليه وسلم يموت كما يموت البشر، ومبادئ أبي أيوب لم تمت أبداً، بقي شاباً وهو في الثمانين، وقد أخبر عليه الصلاة والسلام أن أصحابه سوف يركبون البحر غزاة في سبيل الله {دخل صلى الله عليه وسلم عند عجوز هي أم حرام بنت ملحان فنام عندها في الظهيرة ثم استفاق صلى الله عليه وسلم وهو يضحك قالت: ما لك يا رسول الله! أضحك الله سنك؟ قال: أناس من أمتي عرضوا علي يركبون البحر غزاة في سبيل الله كالملوك على الأَسِّرَةِ قالت: ادع الله أن يجعلني منهم قال: أنتِ منهم} وتستمر الأيام وينادي المسلمون كتائب الإسلام أن تجاهد في سبيل الله لتفتح القسطنطينية لتغزو بلاد الروم ولتوسع دائرة الإسلام، ولما سمع أبو أيوب الجهاد والإعلان لبس سيفه، ورمحه، وركب بغلته.
قال أبناؤه: أنت شيخ كبير في الثمانين.
حملت الثمانين الطوال مجاهداً كأنك في العشرين تقرا وتكتب
قال: لا.
قالوا: عذرك الله أنت شيخ كبير، ومريض، ولا تستطيع القتال قال: لا والله.
إن الله يقول: {انْفِرُوا خِفَافاً وَثِقَالاً وَجَاهِدُوا بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ} [التوبة:41] وأنا ثقيل والله لأنفرن، وذهب إلى الجهاد وانظر إلى هذا العمر المبارك، أين كثير من أهل الثمانين الآن الذين حولوا آخر المطاف إلى شهادة الزور أو الاستيلاء على أراضي الفقراء؟
ويقبح بالفتى فعل التصابي وأقبح منه شيخ قد تفتى
إذا مالم يفدك العلم خيراً فليتك ثم ليتك ما علمتا
هب الشبيبة تبدي عذر صاحبها ما بال أشيب يستهويه شيطان
شيوخ كبار وما تابوا، والله عز وجل يوم القيامة لا ينظر إلى ثلاثة ولا يزكيهم ولهم عذاب أليم منهم {أشيمط زان} شيخ كبير ويزني، وتفاجأ بشيخ كبير ويسرق، وشيخ كبير ويحلف أيمان الغموس، وشيخ كبير يقطع الأرحام، وشيخ كبير يؤذي الجيران، وشيخ كبير يمشي بالنميمة بين الناس.