يوم العيد سرٌ من أسرار هذه الأمة، ففيه تخرج الأمة الإسلامية معلنة تضامنها وخلودها وانسجامها وتكافلها.
يوم العيد يكون ترنيمنا ونشيدنا الخالد: الله أكبر كبيراً، والله أكبر من كل قوة، والله أكبر من كل هيئة، والله أكبر من كل كيان، الله أكبر له البقاء والرفعة، الله أكبر له الثناء والمجد، الله أكبر له البقاء أبداً سرمداً.
والتكبير يوم العيد سنة سنها صلى الله عليه وسلم في المناسبات وغيرها، فكأننا نقول للناس: يا من تكبر وتجبر! الله أكبر منكم، ويا من عتا واستكبر! الله أكبر منكم، ويا من غفل وسها وتمرد على الله! الله أكبر منكم.
ويوم العيد نلبس الجديد؛ ومعناه: أن نظهر النعمة التي أنعم الله بها علينا، فنقول بلسان الحال: يا رب! هذه نعمك علينا، يا رب! هذا اللباس الذي ألبستنا، ونقول للناس: انظروا لنعم الله علينا، وانظروا إلى فضله وكرمه فعند البيهقي بسند حسن قال صلى الله عليه وسلم: {إن الله يحب أن يرى أثر نعمته على عبده} وخرج صلى الله عليه وسلم يوم العيد ليصلي بالأمة الإسلامية، وليقود الجماهير لخطبة عاطرة رضية؛ فلبس حلة حمراء من أحسن الحلل؛ ليظهر جمال الإسلام.
ويوم العيد نتوضأ ولا بد، ويغتسل من أراد منا، وبعض أهل العلم جعل الغسل سنة؛ لنخرج طيبين ونقول: يا رب! طهرنا الأعضاء فطهر المعنويات، طهرنا الظاهر فطهر الباطن، طهرنا ما كشف للناس فطهر ما خفي عنهم.
ويوم العيد نخرج من طريق والأحسن أن نأتي مشاة؛ لنقول لكل عدو في الإسلام: ها نحن الأمة المسلمة خرجنا تائبين إلى الله، منيبين إليه، شاكرين نعماءه، ونمشي على الأرض وهو الأفضل؛ لنعلن التواضع لله عزوجل، ولنقول: عليك أيتها الأرض نمشي، وعلى ظهرك نأكل ونشرب، وفي باطنك نقبر، فنحن العباد من تراب.
ونعود يوم العيد من طريق ليرانا الذين لم يرونا من الطريق الأولى، فكأننا حشود منظمة، أو كتائب منسجمة، أو أطلال من إطلالات الفجر، أو شعاعات من شعاع النور.
وفي يوم العيد أمرنا صلى الله عليه وسلم بزكاة الفطر؛ لنغني الفقراء، فلا يصح أبداً أن نلبس الملابس الغالية، ونركب المراكب الضخمة، ونسكن القصور الشاهقة، والفقراء يموتون على الأرصفة جوعاً وعرياً وعطشاً.
في أي ملة وأي دين؟! أن يسكن بعض المسلمين بالشقق العامرة الفخمة الفاخرة ويموت بعضهم عرياً وجوعاً وعطشاً.
في أي ملة وأي مبدأ نأخذ ما لذ وطاب من الثياب والطعام والشراب، والأكباد تتمزق جوعاً وعرياً وعطشاً وندماً وبكاءً؟! فقال عليه الصلاة والسلام للفقراء: {أغنوهم في ذاك اليوم} لنظهر الشعائر.