ومن صفاتهم: أنهم يراءون الناس بأعمالهم حتى إن بعضهم ما تراه يصلي -والعياذ بالله- إلا ليراه إمام المسجد والجيران.
وقد ذكروا في بعض الأماكن أن بعض الناس كانوا متحمسين للصلاة، وكانوا يحضرون عند صلاة الفجر في سجل عند الإمام، فإذا سلم قال: فلان، قال: حاضر، فلان قال: حاضر، فأتى في صباح جمعة فحضر هذا الإمام، وغاب أحد المصلين، فلقيه مع صلاة الجمعة في الظهر، قال له: أين أنت يا فلان لم تصل معنا؟ قال: والله قال لي فلان جاري: إنك لن تحضر صباح الجمعة، أي لك لو كنت تحضر لكنت حضرت.
أي: أن ذكر الله عليهم ثقيل، ولذلك إذا أتى إلى المسجد يقول: سبحان الله! ثم يجلس ربع ساعة، ويقول: الحمد لله يلتفت إلى الناس، فلا يعجبه الوضع في المساجد ولا في المجالس أو الطريق أو السيارة أو الطائرة، ولذلك تشاهد كثيراً من الناس -وهذا من الغزو الفكري- إذا استقل الطائرة أخرج الجرائد فيقرأها ظهراً لبطن من أولها إلى آخرها حتى إعلانات الأسمنت، ومن ضيع تابعية، ومن غير اسمه، وإعلانات العطور، والأزياء، ودرجات الحرارة، والصيدليات المناوبة، والسهرة هذه الليلة، ثم يطويها ويأخذ الثانية، وهكذا حتى تصل الطائرة، وما فتح مصحفه، وما تأمل كتاب الحديث، أو استغفر أو كان له ورد من الأذكار، وأنا لا أقول: لا تقرءوا الصحف والجرائد بل لابد من قراءتها، حتى نعرف الواقع، لكن أين الإيمان؟ أين الرصيد؟ أين القرآن؟ أين دستور الحياة؟
محمد إقبال شاعر الباكستان دخل على نادر شاه حاكم أفغانستان وقال: والله يا نادر! لن تجد طعم السعادة والحياة حتى تقود أفغانستان بهذا المصحف، فهو وثيقة سماوية.
فتحنا بك الدنيا فأشرق نورها وسرنا على الأفلاك نملؤها أجراً
سمعتك يا قرآن والليل واجم سريت تهز الكون سبحان من أسرى