الاهتمام بالمظهر على حساب المخبر، أي: أنك ترى الإنسان منهم في أحسن الثياب في الليل والنهار، حتى ربما إذا نام نام وهو كذلك، لكنه من الداخل مهدم لا يحمل عقيدةً ولا مبدأً ولا نوراً، فهو كالبيت المطرز من الخارج، ولكنه من الداخل خرابة، قال تعالى: {فَضُرِبَ بَيْنَهُمْ بِسُورٍ لَهُ بَابٌ بَاطِنُهُ فِيهِ الرَّحْمَةُ وَظَاهِرُهُ مِنْ قِبَلِهِ الْعَذَابُ} [الحديد:13].
قال سبحانه في العلمانيين: {وَإِذَا رَأَيْتَهُمْ تُعْجِبُكَ أَجْسَامُهُمْ وَإِنْ يَقُولُوا تَسْمَعْ لِقَوْلِهِمْ كَأَنَّهُمْ خُشُبٌ مُسَنَّدَةٌ} [المنافقون:4].
وتجد أن أهل الجهاد والتضحية، والبذل، وقيام الليل فيهم ضمور، وربما يظهر عليهم الجهد والإعياء، لكن هؤلاء الفرد منهم، كالبغل يهد الجدار، لكن قلبه ممسوخ، تموت طفلته فينهار مثل الصبي، وينقل إلى المستشفى مباشرة، ليس عنده رصيد من الإيمان، لا يعرف كلمة إنا لله وإنا إليه راجعون.
يقول سبحانه: {وَإِذَا رَأَيْتَهُمْ تُعْجِبُكَ أَجْسَامُهُمْ وَإِنْ يَقُولُوا تَسْمَعْ لِقَوْلِهِمْ كَأَنَّهُمْ خُشُبٌ مُسَنَّدَةٌ يَحْسَبُونَ كُلَّ صَيْحَةٍ عَلَيْهِمْ هُمُ الْعَدُوُّ فَاحْذَرْهُمْ قَاتَلَهُمُ اللَّهُ أَنَّى يُؤْفَكُونَ} [المنافقون:4] يخافون من الحروب؛ لأن الحرب لو قامت عنده في الخليج لا تتركه يأكل بطاطس، ولا يشتري خياراً من السوق، ولو وقع بركان في الفلبين فإنه ينتفض ويتابع الأخبار: يا الله سترك، يا الله حوالينا ولا علينا، ومن أجل ماذا؟ لأن عنده عشرين عمارة وعشرين سيارة وعشرين مرتباً، وعشرين دخلاً، أما المؤمن فقد باعها بجنة عرضها السماوات والأرض، ومعنى ذلك يقول سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى: {قُلْ هَلْ تَرَبَّصُونَ بِنَا إِلَّا إِحْدَى الْحُسْنَيَيْنِ وَنَحْنُ نَتَرَبَّصُ بِكُمْ أَنْ يُصِيبَكُمُ اللَّهُ بِعَذَابٍ مِنْ عِنْدِهِ أَوْ بِأَيْدِينَا فَتَرَبَّصُوا} [التوبة:52]
أحد المفكرين وصل إلى الصحراء المغربية ووجد جماعة من المسلمين البربر يرعون الغنم هناك، وهو يريد أن يدفع القلق، وقد ذكره دايل كارنيجي في آخر كتابه دع القلق، قال: فعشت معهم سنة طعمت الإيمان، وطعمت الاستقرار، وذهب عني القلق، قالوا: كيف؟ قال: رأيت بعضهم تمر عليه الريح فتأخذ نصف الغنم، وتموت نصف الغنم، يقول: إنا لله وإنا إليه راجعون، ويواصل يرعى البقية، تموت طفلته فيقول: إنا لله وإنا إليه راجعون حسبنا الله ونعم الوكيل، ويدفنها، ويعود وهو سعيد يتبسم.
فأقول: إن هؤلاء يخافون: {يَحْسَبُونَ كُلَّ صَيْحَةٍ عَلَيْهِمْ} [المنافقون:4] الأحداث تزعجهم، ولذلك لا يريدون أن يفادوا بأرواحهم، ولا بمقدارتهم، وهم خائفون من كل ما يسمعون، ويريدون أن تبقى الأمور هكذا بدون تحرك، على خلاف المؤمنين، فالمؤمنون أمرهم سهل.
وليس على الأعقاب تدمى كلومنا ولكن على أقدامنا تقطر الدما
تأخرت أستبقي الحياة فلم أجد لنفسي حياة مثل أن أتقدما