الحمد لله رب العالمين، الحمد لله الذي خلق السماوات والأرض وجعل الظلمات والنور، ثم الذين كفروا بربهم يعدلون، الحمد لله فاطر السماوات والأرض جاعل الملائكة رسلاً أولي أجنحة مثنى وثلاث ورباع، يزيد في الخلق ما يشاء، إن الله على كل شيء قدير.
وأشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، أكرم هادي، وأفصح من نطق بالبوادي، وأجل من تكلم في النادي، وأحدى من حدا به حادي، وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً.
سلام عليكم ورحمة الله وبركاته:
فعنوان هذه المحاضرة: (رسالة إلى المغنيين والمغنيات) رسالة مزجتها بالحب، وصبغتها بالمودة، وأرسلتها بالمحبة، ودفعني لقول هذه الرسالة ثلاثة أسباب:
السبب الأول: ما أخذ الله على أهل العلم أن يبينوا الحق، ويوضحوا للناس ما اختلفوا فيه، ويقيموا على كل مسألة دليلاً، قال سُبحَانَهُ وَتَعَالى: {وَإِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ لَتُبَيِّنُنَّهُ لِلنَّاسِ وَلا تَكْتُمُونَهُ فَنَبَذُوهُ وَرَاءَ ظُهُورِهِمْ وَاشْتَرَوْا بِهِ ثَمَناً قَلِيلاً فَبِئْسَ مَا يَشْتَرُونَ} [آل عمران:187] وقال تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنْزَلْنَا مِنَ الْبَيِّنَاتِ وَالْهُدَى مِنْ بَعْدِ مَا بَيَّنَّاهُ لِلنَّاسِ فِي الْكِتَابِ أُولَئِكَ يَلْعَنُهُمُ اللَّهُ وَيَلْعَنُهُمُ اللَّاعِنُونَ * إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا وَأَصْلَحُوا وَبَيَّنُوا فَأُولَئِكَ أَتُوبُ عَلَيْهِمْ وَأَنَا التَّوَّابُ الرَّحِيمُ} [البقرة:159 - 160] لذلك كان لزاماً عليَّ وعلى كل داعية وكل طالب علم أن يبين الحق لأهل الحق، ولمن يقبل الحق ولمن لم يعرف الحق، ولا تأخذه في الله لومة لائم.
السبب الثاني: الإشفاق على من وقع في براثن الغناء، ومن ضيع عمره في هذا اللهو، ومن لعب بساعاته ولياليه وأيامه، والرحمة به، فوالله لا نريد أن تصيبه حرارة الشمس، ولا الشوكة؛ لأنه مسلم في الجملة، ولأنه قريب وأخ وحبيب وصديقٌ، فرحمةً به أردنا أن ننصحه، وقد صح عنه عليه الصلاة والسلام أنه قال: {الدين النصيحة، قلنا: لمن يا رسول الله؟ قال: لله ولكتابه ولرسوله ولأئمة المسلمين وعامتهم} وصح عنه عليه الصلاة والسلام أنه قال: {لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه} فأحببنا لهم ما أحببنا لأنفسنا؛ لأنا ذقنا القرآن وحلاوة الذكر، والطاعة والعبادة، ومجالس الخير والدروس، والكتب الإسلامية واتباع السنة، فنحب لهم ما نحب لأنفسنا، ونريد لهم أن يذوقوا كما ذقنا، وأن يعيشوا كما عشنا، وأن يحيوا كما حيينا، قال تعالى: {أَوَمَنْ كَانَ مَيْتاً فَأَحْيَيْنَاهُ وَجَعَلْنَا لَهُ نُوراً يَمْشِي بِهِ فِي النَّاسِ كَمَنْ مَثَلُهُ فِي الظُّلُمَاتِ لَيْسَ بِخَارِجٍ مِنْهَا} [الأنعام:122].
السبب الثالث: ما لُبِّس على بعض الناس من الذين تزعموا الفتيا؛ فأفتوا بغير علم، وشُبِّه عليهم، فأباحوا الغناء، فنقول: من أين أبحتموه والله يقول: {وَلا تَقُولُوا لِمَا تَصِفُ أَلْسِنَتُكُمُ الْكَذِبَ هَذَا حَلالٌ وَهَذَا حَرَامٌ لِتَفْتَرُوا عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ إِنَّ الَّذِينَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ لا يُفْلِحُونَ} [النحل:116]؟! من أين أبحتموه؟! وما هو دليلكم؟! ومن أين برهانكم؟! {قُلْ هَلْ عِنْدَكُمْ مِنْ عِلْمٍ فَتُخْرِجُوهُ لَنَا} [الأنعام:148] {قُلْ هَاتُوا بُرْهَانَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ} [البقرة:111].
وقد صح عنه عليه الصلاة والسلام أنه قال: {إن الله لا ينتزع العلم انتزاعاً ينتزعه من صدور العلماء، ولكن بقبض العلماء، حتى إذا لم يُبق عالماً اتخذ الناس رءوساً جهالاً، فسئلوا فأفتوا بغير علم، فضلوا وأضلوا} أين الدليل؟ وأين البرهان؟
فهذه الرسالة إلى المغنين والمغنيات لها عناصر:
العنصر الأول: أدلة تحريم الغناء من الكتاب والسنة.
العنصر الثاني: أقوال علماء الإسلام في تحريم الغناء.
العنصر الثالث: شبهة من قال بإباحة الغناء والرد عليه.
العنصر الرابع: بعض كلمات المغنين في غنائهم التي يقولونها صباح مساء، وتبث في الآذان، وتصل إلى القلوب.
العنصر الخامس: أضرار الغناء وأخطاره في الدنيا والآخرة.
العنصر السادس: تائبون من الغناء منّ الله عليهم بهجر الغناء، وعادوا إلى رحاب الإيمان، فأهلاً وسهلاً بالأحباب، وحياهم الله وبياهم من خيرة أصحاب على سنن الهدى.
يا خير ساعٍ لقيت الحظ في يوم المعاد
العنصر السابع: ماذا قال شعراء الإسلام عن الغناء في ذمه وفي تحقيره وفي التحذير منه؟