ومنها: ألا يظهر الداعية بهالة المستعلي على جمهوره وأحبابه وإخوانه، وعلى المدعوين كأن يقول مثلاً: قلت وفعلت، وكتبت، وراسلت، وألفتُ، فإن (أنا) من الكلمات التي استخدمها إبليس، قال ابن القيم في كلامٍ ما معناه: اجتنب ثلاث كلمات (أنا) و (لي) و (عندي) فإن إبليس قال: {أَنَا خَيْرٌ مِنْهُ خَلَقْتَنِي مِنْ نَارٍ وَخَلَقْتَهُ مِنْ طِينٍ} [الأعراف:12] وقال فرعون: {أَلَيْسَ لِي مُلْكُ مِصْرَ} [الزخرف:51] وقال قارون: {إِنَّمَا أُوتِيتُهُ عَلَى عِلْمٍ عِنْدِي} [القصص:78] فاجتنب (أنا) واجتنب (لي) واجتنب (عندي) ولكن قد تستخدم (أنا) في مثل: أنا مقصر، كما قال شيخ الإسلام -سقاه الله من سلسبيل الجنة-:
أنا الفقير إلى رب البريات أنا المسيكين في مجموع حالاتي
أحد الناس مدح الداعية الكبير ابن تيمية الجهبذ، فغضب ابن تيمية وقال:
أنا المكدي وابن المكدي وهكذا كان أبي وجدي
يقول: أنا مذنب وأبي مذنب، وجدي مذنب إلى آدم عليه السلام.
هذا واجب الداعية أن يظهر دائماً بالتواضع وأن يلتمس العذر من إخوانه، وأن يبادلهم الشعور، وأن يطلب منهم المشورة والاقتراح، وأن يعلم أن فيهم من هو أعلم منه وأفصح وأصلح، لكن الله رشحه وكلفه، وكان أكثرهم حملاً، قال بعض السلف: الساكت ينتظر الأجر من الله، والمتكلم ينتظر المقت، فإن المتكلم خطير، فنسأل الله أن يسلمنا وإياكم.