الاستهزاء بشيء مما أتى به رسول الهدى عليه الصلاة والسلام من نواقض لا إله إلا الله قال تعالى: {قُلْ أَبِاللَّهِ وَآيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنْتُمْ تَسْتَهْزِئُونَ.
لا تَعْتَذِرُوا قَدْ كَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ} [التوبة:66].
فإن كثيراً من الناس يكفر ببعض الكلمات أو بكلمةٍ واحدة، يستهزئ بالدين، أو بالقرآن، أو بالرسول عليه الصلاة والسلام، أو بأهل العلم فيكفر، وسبب نزول الآية السابقة: أن الرسول صلى الله عليه وسلم -كما ذكر ذلك ابن جرير وغيره- كان في غزوة تبوك فأتى المنافقون وجلسوا في طرف المخيم وأخذوا يتحدثون، فيقول أحدهم لغيره وهم يتضاحكون: ما رأينا كقرائنا هؤلاء أرغب بطوناً وأكذب ألسنة، وأجبن عند اللقاء -والمعنى: أن أصحاب رسول الله من العلماء ما رأينا أكثر أكلاً ولا أكثر جبناً وفراراً من المعركة منهم- فأخبر الله رسوله بهذه المقالة الشنيعة وأتى جبريل فأخبره، فقام المنافقون وأخذوا بزمام ناقة الرسول عليه الصلاة والسلام، وقالوا: يا رسول الله! أعفوا عنا، إنما كنا نخوض ونلعب ونمزح؛ وكنا نقطع الليل؛ وكنا نتحدث، فأنزل الله فيهم {وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ لَيَقُولُنَّ إِنَّمَا كُنَّا نَخُوضُ وَنَلْعَبُ قُلْ أَبِاللَّهِ وَآيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنْتُمْ تَسْتَهْزِئُونَ * لا تَعْتَذِرُوا قَدْ كَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ} [التوبة:65 - 66].
فحذار -أيها الإخوة- من الاستهزاء بالدين، وكثير من الناس في مزحه يجرح (لا إله إلا الله) ويجرح دينه، وربما يكفر.
وقد رأينا وسمعنا عن بعض الناس أنه يستهزأ ببعض الآيات من القرآن -والعياذ بالله-.
وسمعت عن مجرم من المجرمين، بلغ من عتوه أنه ترك الصلاة، وكان يخرج للفسح ويدرّس في مستوى جامعي فيجلس مع طلابه - مثل ما جمع المنافقون فريقهم في تبوك - يجمعهم ويمزح معهم استهزاءً بالدين، واستهزاءً بالصالحين، واستهزاءً بالأحاديث.
يقول ذات مرة وقد جمع زملاءه عن أبي هريرة قال: جمع رسول الله أصحابه يوماً، فقال: أتدرون ما الببسي؟ قالوا: الله ورسوله أعلم، قال: أتدرون ما السيكل؟ قالوا: الله ورسوله أعلم، قال: قوموا عني لا تعرفون لا الببسي ولا السيكل.
قال بعض أهل العلم لما بلغتهم مقالته: كفر بها، وخرج من الملة وأصبح دمه حلالاً وهذا هو الصحيح.
بل مر في التاريخ أن بعض الخلفاء قتل كثيراً من الزنادقة لكلمات أقل من هذه، وقد قرأت عن القاسم بن عبيد الله -الله يتولاه بما هو به أعلم إن لم يكن تاب- وقد ترجم له الذهبي وقال: "إنه كان يستهزئ بالقرآن الكريم"، دخل عليه أحد العلماء، فقال: ماذا قال الله في بقرتكم؟ -أي: في سورة البقرة- وهذا كفر.
وحذار حذار أن يتعرض الإنسان لشيء من الإسلام، أو يستهزئ بشيء من الملة أو الدين؛ كاللحى، وتقصير الثياب، ومشية الرسول صلى الله عليه وسلم، ومشية الصالحين الذين يتبعونه لأجل أنهم يتبعونه، أو شيء مما أتى به صلى الله عليه وسلم.
الحذر الحذر، فإنه قد يترك ويفارق الإنسان الإسلام وهو لا يشعر، وهذه هي الكلمة التي تكب صاحبها على وجهه في النار، ولها أمثلة كثيرة.