ومن أسباب السعادة: العمل الصالح:
فعمل الصالحات هو من أكبر الأمور التي تحصل لك السعادة، وهي قرة العين، فقد كان عليه الصلاة والسلام إذا حزبه أمر قال: {أرحنا بالصلاة يا بلال!} وكان يقول: {وجعلت قرة عيني في الصلاة} يقول سُبحَانَهُ وَتَعَالَى: {وَاسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلاةِ وَإِنَّهَا لَكَبِيرَةٌ إِلَّا عَلَى الْخَاشِعِينَ} [البقرة:45] قال سيد قطب رحمه الله: إذا انتهى مدد الصبر وطاقة الصبر أتت الصلاة لتكون معيناً وطاقةً وزاداً، فالصبر ينتهي، ولكن تزيده الصلاة.
وفي ترجمة الحافظ ابن حجر أنه خرج للنزهة، فطوقه لصوص يريدون سلبه وقتله، فتوضأ وقام يصلي، فتبدد اللصوص وخافوا وهربوا، فلما سلم قال له تلاميذه: مالك هربت إلى الصلاة.
فقال: يقول سُبحَانَهُ وَتَعَالَى: {وَاسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلاةِ وَإِنَّهَا لَكَبِيرَةٌ إِلَّا عَلَى الْخَاشِعِينَ} [البقرة:45].
ولذلك كان عباد الله يفزعون إلى الصلاة، ويفرون إلى طاعة الله إذا حزبهم أمر.
ومن أعظم ما يسهل الخاطر، ويزيل الهموم والغموم عمل الصالحات -كما قلت- ومن أجلِّها: الصدقة، وجرب ذلك.
مَرضَ كثير من الصالحين فتصدقوا، فكشف الله مرضهم؛ وأصابتهم كرب فتصدقوا، فأزاح الله كربهم؛ ولذلك عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: {مثل البخيل والمتصدق مثل رجلين عليهما جبتان من حديد، قد اضطرت أيديهما إلى تراقيهما، فكلما هم المتصدق بصدقته اتسعت عليه حتى تعفي أثره، وكلما هم البخيل بالصدقة انقبضت كل حلقة إلى صاحبتها، وتقلصت عليه وانضمت يداه إلى تراقيه، فسمع النبي صلى الله عليه وسلم يقول: فيجتهد أن يوسعها فلا تتسع}.
والبخيل بالمال، والبخيل بالجاه، والبخيل بالبسمة وبالكلمة الطيبة من أضيق الناس نفساً، ومن أسوئهم خلقاً، ومن أقلقهم حياةً؛ لأنه ما عرف سبيل السعة.
ولذلك كان الكرماء أوسع الناس صدوراً، وجرب ذلك! فإنك لا تفعل خيراً للمسلمين إلا ويرزقك سُبحَانَهُ وَتَعَالَى سعةً في الصدر، فإنه غفور شكور -سُبحَانَهُ وَتَعَالَى- غفور يغفر الذنب، وشكور يشكر على الحسنات في الدنيا والآخرة.