Q أنا شاب ملتزم -إن شاء الله- ولكني بليت بأشرطة الغناء، ولا أستطيع الصبر عنها، فأفيدوني ماذا أعمل جزاكم الله خيراً؟
مع بيان عقوبة الغناء في الدنيا والآخرة وطريقة علاجه وشكراً؟
والمشكلة الثانية: أطلب حكم الدخان؟
صلى الله عليه وسلم الغناء محرم؛ حرمه علماء الإسلام لأدلة منها ظنية ومنها ما يقبل القطع من الأحاديث النبوية، قال سُبحَانَهُ وَتَعَالَى: {وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْتَرِي لَهْوَ الْحَدِيثِ لِيُضِلَّ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَيَتَّخِذَهَا هُزُواً} [لقمان:6] {وَاسْتَفْزِزْ مَنِ اسْتَطَعْتَ مِنْهُمْ بِصَوْتِكَ وَأَجْلِبْ عَلَيْهِمْ بِخَيْلِكَ وَرَجِلِكَ} [الإسراء:64] قال كثير من المفسرين: الغناء، وقال ابن مسعود -ومنهم من رفع هذا الحديث، والصحيح أنه موقوف عليه-: [[والذي نفسي بيده، إن الغناء لينبت النفاق في القلب، كما ينبت الماء البقل]] وعند البخاري: عن هشام بن عمار إلى أبي مالك الأشعري: قال صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: {ليكونن أقوام من أمتي يستحلون الحر والحرير، والخمر والمعازف} واستحلالها يكون بعد التحريم، فالذي ظهر أنه محرم، وأن له نتائج وسيئات عظيمة.
منها: أنه يحبب الزنا، قال ابن القيم: الغناء بريد الزنا.
ومنها: أنه يخلي القلب من محبة الواحد الأحد، ومن محبة القرآن والمساجد.
ومنها: أنه يجعل الإنسان ضائعاً يتبع هواه.
ومنها: أنه يعدم عليه وقته.
ومنها: أنه يصب في أذنيه الآنك يوم القيامة وهو الرصاص المذاب.
ومنها: أنه يحرمه الله عز وجل لذة الأصوات، حتى يقول ابن القيم في منظومته:
قال ابن عباس ويرسل ربنا ريحاً تهز ذوائب الأغصان
فتثير أصواتاً تلذ لمسمع الإنسان كالنغمات بالأوزان
يا خيبة الآذان لا تتعوضي بلذاذة الأوتار والعيدان
فإن من أخذ العود هنا واستمع الغناء حرمه الله سماع لذة الغناء في الجنة، وعند الإمام أحمد في المسند: {في الجنة غوان وجوار، ينشدن ويغنين: نحن الناعمات فلا نبأس، نحن الخالدات فلا نبيد، طوبى لمن كنا له وكان لنا} وهذا جزاء من حرم على أذنيه سماع الغناء، والله يجعل الجزاء من جنس العمل، فمن شرب الخمر في الدنيا سقاه الله من ردغة الخبال من النار، وحرمه الله خمر الجنة التي لا غول فيها ولا تأثيم، وهذا يقاس عليه.
فاعلم أن الغناء محرم، واعلم أنه يجرك إلى سيئات كبرى، وأنه يوقعك في حبائل الشيطان، وفي الفاحشة والجريمة -نعوذ بالله من ذلك-.
وعلاجه أن تتوب إلى الله وتستغفر، وتستبدل أشرطة القرآن والمحاضرات والندوات والخطب، وأن تتقي الله في نفسك، وتعلم أن حياتك وسمعك وبصرك محسوب عليك.
أما المسألة الثانية: الدخان؛ فالذي ظهر من عمومات الأدلة وهي استنباطية من الأدلة ليست نصية حرفية؛ أنه محرم، وبعض الناس لجهلهم بالسنة، وجهلهم بالاستنباط والعلم نصبوا من أنفسهم مجتهدين، الواحد منهم إذا أراد أن يشرب الدخان جعل من نفسه مجتهداً مطلقاً، وقال: ائتوني بآية في القرآن تحرم الدخان أو حديثاً.
عجباً لك!! أتريد أن يكون القرآن قاموساً يتحدث عن كل شيء وقع في الدنيا، فيتحدث عن التفاح والموز والميرندا والبيبسي والدخان؟!
لا.
إن كتاب الله عز وجل كما يقول ابن تيمية والشاطبي وغيرهما: قواعد كلية، وتحت القاعدة تندرج آلاف القضايا، يقول سُبحَانَهُ وَتَعَالَى: {وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ} [الأعراف:157] فالطيبات عد ولا حرج، كم من طيبة خلقها الله وسوف يخلقها الله تدخل في هذه الكلمة، والخبائث حدها ما ضر في الدين أو المال أو العقل أو العرض والنسب، فهذه الأمور إذا أضرت فهي محرمة، والدخان عرف عند الناس أن فيه ضرراً على المال، وعلى الجسم، وعلى النسل، فهو محرم لهذا الاستدلال فليعلم ذلك.